سفارش تبلیغ
صبا ویژن

الشیعة و التهم

من هو المهدی الموعود؟(2)

وقد صرّح بصحّة أحادیث المهدی علیه السّلام طائفة من أعلام أهل السنّة، منهم: 1 ـ الحافظ الترمذی صاحب الصحیح ( ت 297 هـ ) .2 ـ الحافظ أبو جعفر العقیلی ( ت 322 هـ ) . 3 ـ الحاکم النیسابوری صاحب المستدرک ( ت 405 هـ ) . 4 ـ البیهقیّ صاحب السنن الکبرى ( ت 458 هـ ) . 5 ـ الفرّاء البغوی، صاحب مصابیح السنّة ( ت 510 هـ ) .6 ـ ابن الأثیر الجزری، صاحب النهایة ( ت 606 هـ ) .7 ـ القرطبی المالکی ( ت 671 هـ ). 8 ـ ابن تیمیة ( ت 728 هـ ) . 9 ـ الحافظ شمس الدین الذهبی ( ت 748 هـ ). 10 ـ الحافظ الکنجی الشافعی ( ت 658 هـ ) . 11 ـ الحافظ ابن القیم ( ت 751 هـ ) .12 ـ الحافظ ابن کثیر الدمشقی ( ت 774 هـ ).13 ـ نور الدین الهیثمی ( ت 807 هـ ) . 14 ـ الحافظ جلال الدین السیوطی ( ت 911 هـ ) .15 ـ ناصر الدین الألبانی، ( من المعاصرین ).

 

الفصل الأول

الوصیة أو النص الإلهی


فی طریق العودة الى الله جل وعلا لابد للبشریة من دلیل یقود رحلتها المحفوفة بالمخاطر والإختبارات ، و لابد للدلیل المعنی أن یکون مزوداً بالخبرة والعلم الکافیین لتحصین البشریة من کل المغریات والأشراک الشیطانیة التی تعترض طریقها ، وبکلمة واحدة لابد أن یکون الدلیل متصلاً بالسماء یعلم ما یریده الله للبشریة وما ینبغی لها أن تتجنبه . ومثل هذا القائد الربانی لا یمکن للبشریة ، الغارقة فی المادة ، والتی لا یمتد نظرها الى أبعد من مصالحها الدنیویة الضیقة ، أن تشخصه أو تحدد البرنامج الذی یرسم لها ملامحه ، ویدعوها للسیر على وفق خطواته . فالبشریة لا تعرف سوى منافعها المادیة العاجلة ، والربح بالنسبة لها هو ما یتحقق فی هذه الدنیا العاجلة ، أما حجة الله فهو یعلم أن الربح الحقیقی هو ربح الآخرة ، ومن هنا فإن دعوته ستقوم فی جانب مهم منها على أساس حث الناس على التضحیة بملذات الدنیا العاجلة التی تتعارض عادة مع ما ادخره الله للناس من سعادة أخرویة ، فالدنیا والآخرة ضرتان لا تجتمعان فی قلب مؤمن . من هنا فإن البرنامج الذی یعمل حجة الله على أساس منه سوف یصطدم فی الغالب مع توجهات الناس وفکرتهم عن الحقیقة والسعادة والعدالة وما الى ذلک من حقائق ینظر لها الناس بعین یحدها عالمهم المادی ، بینما یراها حجة الله بعین لا ترى العالم المادی سوى قنطرة عبور لعالم حقیقی هو عالم الآخرة (( وللدار الآخرة هی الحیوان )) . انطلاقاً من واقع الصدمة هذا سیکون الجواب الأول الذی تواجه به البشریة حجة الله هو المعنى الذی حکته الکثیر من آیات القرآن الکریم ، والذی مفاده : أ تعدنا بأننا إذا متنا سنجد ثمرة عملنا ، إن هذا شئ لا یصدق ، و ما أنت إلا کاذب مدع ترید التحکم بنا والترؤس علینا . من هنا کانت الحکمة تستدعی نصاً إلهیاً على الحجة یعلم منه الناس أنه متصل بالسماء وأنه لا یفعل سوى ما یریده الله جل وعلا (( وما ینطق عن الهوى إن هو إلا وحی یوحى )) ، (( ولو تقوّل علینا بعض الأقاویل لأخذنا منه بالیمین ، ثم لقطعنا منه الوتین )) .
وهکذا منذ الیوم الأول الذی خلق الله فیه آدم (ع) بدأت الرحلة مع قانون الوصیة والنص الإلهی ، قال تعالى : ((وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلاَئِکَةِ إِنِّی جَاعِلٌ فِی الأَرْضِ خَلِیفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِیهَا مَن یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))البقرة الآیة/30 .
وقال تعالى )) وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلاَئِکَةِ إِنِّی خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِینَ* فَسَجَدَ الْمَلآئِکَةُ کُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِیسَ أَبَى أَن یَکُونَ مَعَ السَّاجِدِینَ(( الحجر (28ـ31) .
فی هذه الآیات الکریمة ینص الله تعالى على استخلاف آدم (ع) بمحضر من الملائکة (ع) وإبلیس (لع) ، فیستجیب الملائکة للأمر الإلهی بالسجود لآدم (ع) وإطاعته فینجحوا فی الإختبار الذی سیکون المحک فی تحدید المؤمنین الى یوم القیامة ، بینما یفشل إبلیس ( لعنه الله ) بسبب تکبره وشعوره الطاغی بأناه ( قال أنا خیر منه ) . فمحک النجاح والفشل یتمثل بإطاعة حجة الله أو خلیفته المنصوص علیه ، ومثلما کان القبول والتسلیم بتنصیب الله سبب نجاح الملائکة سیکون سبب نجاح المؤمنین ، وکما کان الجحود والکفر سبب فشل إبلیس (لع) واستحقاقه الطرد من رحمة الله ، سیکون کذلک بالنسبة لأتباعه من الإنس والجن (( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبدیلا )) .
واستمر قانون النص الإلهی بعد آدم (ع) بصورة وصیة یوصی بها الحجة السابق الى من یلیه ، ولیست هذه الوصیة سوى نص من الله على الحجة ، فعن أبی عبد الله (ع) قال : ((…ثم أوحى الله إلى آدم أن یضع میراث النبوة والعلم ویدفعه إلى هابیل ، ففعل ذلک فلما علم قابیل غضب وقال لأبیه : ألست أکبر من أخی وأحق بما فعلت به ؟ فقال یا بنی أن الأمر بید الله وأن الله خصه بما فعلت فإن لم تصدقنی فقربا قرباناً فأیکما قبل قربانه فهو أولى بالفضل وکان القربان فی ذلک الوقت تنزل النار فتأکله . وکان قابیل صاحب زرع فقرّب قمحا ً ردیئا ً وکان هابیل صاحب غنم فقرّب کبشا ً سمینا ً فأکلت النار قربان هابیل . فأتاه إبلیس فقال : یا قابیل لو ولد لکما وکثر نسلکما افتخر نسله على نسلک بما خصه به أبوک ولقبول النار قربانه وترکها قربانک وإنک إن قتلته لم یجد أبوک بُدا ً من أن یخصک بما دفعه إلیه فوثب قابیل إلى هابیل فقتله ... )) قصص الأنبیاء/الجزائری 55 .
فأول إنسان اعترض على تنصیب الله تعالى هو قابیل ( لع ) تلمیذ إبلیس الملعون فقد ظن أن التنصیب بید الناس ، أی بید آدم (ع) ، لا بید الله سبحانه ، وعندما أخبره آدم (ع) بأن الإختیار لله لا لغیره أصر على تمرده إلى أن سولت له نفسه قتل أخیه هابیل (ع) ، ولکن الوصیة لم تنتکس أو تتوقف فقد رزق الله تعالى آدم (ع) ولداً صالحا ً هو هبة الله (ع) فأمره الله تعالى بالوصیة إلیه .
عن أبی عبد الله (ع) قال : (( لما انقضت نبّوة آدم وانقطع أکله أوحى الله إلیه : یا آدم إنه قد انقضت نبوتک وأنقطع أکلک فأنظر إلى ما عندک من العلم والإیمان ومیراث النبوة وآثار العلم والاسم الأعظم فأجعله فی العقب من ذریتک عند هبة الله فإنی لن أدع الأرض بغیر عالم یُعرف به الدین ویُعرف به طاعتی ویکون نجاة لمن یولد ما بین قبض النبی إلى ظهور النبی الآخر )) .
الله جل وعلا إذن لا یترک الأرض بغیر عالم یُعرف به الدین ، وتُعرف بطاعته طاعة الله ، وهذا یقتضی استمرار خط الوصیة کطریق فی تحدید العقیدة الإلهیة فی کیفیة تنصیب الحاکم ومعرفته .
واستمر بعد هبة الله (ع) خط الوصیة )) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِیمُ بَنِیهِ وَیَعْقُوبُ یَا بَنِیَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَکُمُ الدِّینَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ* أَمْ کُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ یَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِی قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَکَ وَإِلَـهَ آبَائِکَ إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَه مُسْلِمُون ))البقرة(132ـ133) . والوصیة حقیقة قرآنیة تقررها عدة آیات منها قوله تعالى على لسان عیسى (ع) : (( ومبشراً برسول یأتی من بعدی اسمه أحمد )) ، وقوله تعالى : ((وَوَرِثَ سُلَیْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ یَاأَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّیْرِ وَأُوتِینَا مِنْ کُلِّ شَیْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ}(النمل/16}.
وهکذا ف (( اللَّهُ یَصْطَفِی مِنْ الْمَلاَئِکَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ بَصِیرٌ )) }الحج/75 }. والحق أن جمیع الأدیان السماویة بمذاهبها المختلفة تقرر هذه الحقیقة ، فقد ورد فی القرآن الکریم غیر الآیات المنصوصة أعلاه ، آیات کثیرة تؤکد هذا المبدأ ، لاسیما ما یتعلق منها بالبشارة برسول الله (ص) والإشارة إلیه .
وجاء فی التوراة : (( وقال الملک داود ادع لی صادوق الکاهن وباثان النبی وبنایاهو بن یهویاداع فدخلوا الى أمام الملک ، فقال الملک لهم خذوا معکم عبید سیدکم وأرکبوا سلیمان ابنی على البغلة التی لی وانزلوا به الى جیحون ، ولیمسحه هناک صادوق الکاهن وناثان النبی ملکاً على إسرائیل واضربوا بالبوق وقولوا لیحیَ الملک سلیمان وتصعدون وراءه فیأتی على کرسی وهو یملک عوضاً عنی وإیاه قد أوصیت أن یکون رئیساً على إسرائیل ویهوذا )) [الملوک الأول / الإصحاح الأول] . (( ولما قَرُبت أیام وفاة داود أوصى سلیمانَ ابنه قائلاً : أنا ذاهب فی طریق الأرض کلها ، فتشدد وکن رجلاً ، احفظ شعائر الرب إلهک ... الخ )) [الملوک الأول/ الإصحاح الثانی] . (( هاأنذا أرسل إلیکم إلیا النبی قبل مجیء یوم الرب ، الیوم العظیم والمخوف )) [ملاخی/ الإصحاح الرابع] . وجاء فی سفر التثنیة / الإصحاح الثالث والثلاثون : (( 1 وهذه هی البرکة التی بارک بها موسى رجل الله بنی إسرائیل قبل موته 2 فقال . جاء الرب من سیناء وأشرق لهم من سعیر وتلالا من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن یمینه نار شریعة لهم )) . فموسى (ع) بشر قبل موته – کما فی النص – بعیسى الذی یُشرق من ساعیر ، وبرسول الله (ص) الذی یتلألأ من جبل فاران ( جبل عرفات ) .
وجاء فی الإنجیل على لسان عیسى (ع) قوله : (( لا تظنوا إنی أشکوکم الى الأب ، یوجد الذی یشکوکم وهو موسى الذی علیه رجاؤکم . لأنکم لو کنتم تصدقون موسى لکنتم تصدقوننی لأنه هو کتب عنی . فإن کنتم لستم تصدقون کتب ذاک فکیف تصدقون کلامی )) [إنجیل یوحنا] .
وقال (ع) : (( إن کنت أشهد لنفسی فشهادتی لیست حقاً . الذی شهد لی هو آخر وأنا أعلم إن شهادته التی یشهدها لی حق )) [إنجیل یوحنا] .
وبخصوص وصیته بالمعزی قال (ع) : (( وأما الآن فأنا ماض الى الذی أرسلنی ، ولیس أحد منکم یسألنی أین تمضی . لکنی اقول لکم الحق : إنه خیر لکم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا یأتیکم المعزی ، ولکن إن ذهبت أرسله إلیکم )) [یوحنا/إصحاح16] . فالوصیة قانون إلهی عرفته کل الأدیان السماویة دون إستثناء .
وعن أبی عبد الله (ع) قال : (( عاش نوح (ع) خمسمائة سنة بعد الطوفان ثم أتاه جبرائیل فقال : یا نوح قد قضیت نبوتک واستکملت أیامک فأنظر الاسم الأکبر ومیراث العلم وآثار علم النبوة التی معک فادفعها إلى إبنک سام فأنی لا أترک الأرض إلا وفیها عالم تعرف به طاعتی ویعرف به هدای ویکون نجاة فیما بین مقبض النبی ومبعث النبی الآخر ولم أکن أترک الناس بغیر حجة لی وداعٍ إلی وهادٍ إلى سبیلی وعارف بأمری فأنی قضیت أن أجعل لکل قوم هادیا ً أهدی به السعداء ویکون حجة لی على الأشقیاء إلى أن قال : وبشّرهم نوح بهودٍ علیهما السلام وأمرهم بأتباعه وأمرهم أن یفتحوا الوصیة فی کل عام وینظروا فیها ویکون عیدا ً لهم )) إثبات الهداة 1 / 98 .
وعن أبی عبد الله (ع) قال : (( أوصى موسى علیه السلام إلى یوشع بن نون وأوصى یوشع إلى ولد هارون ... إلى أن قال : وبشّر موسى ویوشع بالمسیح (ع) فلما أن بعث الله المسیح قال المسیح إنه سوف یأتی من بعدی نبی إسمه أحمد من ولد إسماعیل یجئ بتصدیقی وتصدیقکم وعذری وعذرکم . وجرت من بعده فی الحواریین فی المستحفظین ، وإنما سمّاهم الله المستحفظین لأنهم أُستُحفظوا الإسم الأکبر وهو الکتاب یعلم به کل شئ الذی کان مع الأنبیاء ... إلى أن قال : فلم تزل الوصیة فی عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد (ص) فلما بعث الله محمداً (ص) أسلم له العقب من المستحفظین وکذّب به بنو إسرائیل )) [ إثبات الهداة 1 / 151 ، الکافی 1 / 325] . وجاء فی لمع الأدلة فی قواعد عقائد أهل السنة والجماعة - عبد الملک الجوینی - ص 116، قوله : (( لا یصلح للإمامة إلا من تجتمع فیه شرائط أحدها أن یکون قرشیا فإن رسول الله علیه السلام قال الأئمة من قریش والآخر أن یکون مجتهدا من أهل الفتوى ... )) . وقول رسول الله (ص) هذا یدل على أن فکرة النص کانت حاضرة فی الوعی المسلم على الرغم من کل الإختلاف الذی نشب حولها فیما بعد ، ویدلک على حضورها فضلاً على ما تقدم أن أبا بکر لم یجد صیغة أخرى لاختیار سلف له غیر النص على عمر ومثله فعل عمر حین نص على ستة یتم اختیار الخلیفة من بینهم ، بل إن الأمر الأکثر دلالة فی هذا الصدد هو أن النظریة الأخرى التی وضعت بمواجهة نظریة النص ، وهی نظریة الشورى واختیار الأمة ( أو أهل الحل والعقد ) للحاکم ، هذه النظریة فضلاً على أنها قد نُقضت بعمل أبی بکر وعمر ، بل لم نجد لها مثالاً تطبیقاً واحداً على مر التأریخ الإسلامی ، أقول فضلاً عن کل ذلک لا نجد نصوصاً قانونیة أو تشریعیة تعبر عنها ، لا فی القرآن الکریم ولا فی السنة النبویة ، وغیاب النصوص هذا یوضحه غیاب الثقافة بین المسلمین فیما یتعلق بمسألة اختیار الحاکم من قبل الأمة ، فحتى على مستوى المتکلمین والفقهاء لا نجد من یخبرنا بالکیفیة التی تختار بها الأمة الحاکم ؛ فعلى سبیل المثال هل تلجأ الأمة الى آلیة الترشیح والتصویت ، وکم عدد أهل الحل والعقد وکیف تحسم الأمور فیما بینهم ... الخ .


من هو المهدی الموعود؟ (1)

بسم الله الرحمن الرحیم


الحمد لله رب العالمین ، الرحمن الرحیم ، ملک یوم الدین ، وصلى الله على سید المرسلین محمد وآله الطاهرین ؛ أئمةً ومهدیین . اللهم إنّا نرغب إلیک فی دولة کریمة تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فیها من الدعاة الى طاعتک ، والقادة الى سبیلک ، وترزقنا بها کرامة الدنیا والآخرة .
خًلق الإنسان لغایة سامیة تتمثل بمعرفة الله
سبحانه ، قال تعالى : (( و ما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون )) ، أی لیعرفون کما ورد عن أهل البیت (ع) ، فما لم تقترن العبادة بمعرفة حقیقیة لا تکون عبادة حقیقیة ، ولأجل تحقیق هذه الغایة الشریفة نصب الله قادة و أدلاء یرشدون الناس الى الطریق القویم الذی به بلوغ الغایة ، وأنزل معهم الکتاب والمیزان لیقوم الناس بالقسط ، ویحیى من حیّ عن بیّنة ویهلک من هلک عن بیّنة .
وکان من ألطافه وحکمته جل وعلا أن وضع للناس
قانوناً یعرفون به حجة الله على الخلق ، ویمیزونه عن الطواغیت المدعین زوراً وبهتاناً ، والقانون المشار إلیه یتشکل من ثلاث حلقات ؛ أولها النص الإلهی أو الوصیة ، وثانیها العلم والحکمة ، وثالثها الدعوة الى حاکمیة الله عز وجل ، أو رایة البیعة لله . ولعله غنی عن البیان أن هذه العناصر الثلاثة لا تجتمع فی غیر صاحبها أبداً .
إن دعوة الحق
– کما یشهد تأریخ الدعوات السماویة – لا یمکن أن تکون وحدها فی الساحة فلابد من وجود دعوات باطلة ضالة تعارضها ، وهکذا منذ الیوم الذی أوصى فیه آدم (ع) الى خلیفته ووصیه هابیل (ع) کان قابیل یقود لواء المعارضة ویدعی لنفسه ما لیس لها . وحیث أنه لا عذر أبداً لمن یترک إتباع ولی الله وحجته على خلقه ، بل إن مصیره الى جنهم وبئس المصیر ، ولن ینفعه قوله : إنی وجدت الساحة ملیئة بالمدعین وتعذر علیّ تمییز المحق من المبطل ، أقول لکل ذلک لابد – بمقتضى الحکمة الإلهیة – من وجود قانون إلهی یَعرف به الناس خلیفة الله فی أرضه ، ولابد أن یکون هذا القانون قد وضع منذ الیوم الأول الذی جعل فیه الله سبحانه خلیفة له فی أرضه . وإلیکم هذا المثل فاستمعوا له ( لو إن إنساناً یملک مصنعاً أو مزرعة أو سفینة ، أو أی شئ فیه عمال یعملون له فیه فلابد أن یعیّن لهم شخصاً منهم یرأسهم ، ولابد أن ینص علیه بالإسم ( النص ) وإلا ستعم الفوضى ، کما لابد أن یکون هذا الشخص أعلمهم وأفضلهم ( العلم ) ، ولابد أن یأمرهم بطاعته ( الحاکمیة ) لیحقق ما یرجو وإلا فإن قصّر هذا الإنسان فی أیّ من هذه الأمور الثلاثة فسیجانب الحکمة الى السفه ، فکیف یُجَوّز الناس على الله ترک أیّ من هذه الأمور الثلاثة وهو الحکیم المطلق ) ؟
وسأحاول فیما یلی من صفحات هذا الکتاب بسط الحدیث فی کل حلقة من هذه الحلقات
الثلاث بما یتیسر راجیاً من الله تعالى العون والتسدید ، إنه نعم المولى ونعم النصیر . ولکن قبل الدخول فی مباحث هذا الکتاب أود التنویه الى أن هذا البحث یستهدف مخاطبة کل المؤمنین بالأدیان السماویة ، ویتحدد فی هذا الصدد بالعقیدة التی تجمع مؤمنی هذه الدیانات وهی الإیمان بوجود مهدی أو منقذ للبشریة تمتلئ الأرض على یدیه عدلاً بعد أن ملأها الطواغیت ظلماً وجوراً ، ومن هنا کانت العودة – بالقدر المتیسر – الى مصادر الدیانات الثلاثة ؛ الإسلامیة ( بشقیها الشیعی والسنی ) والیهودیة والمسیحیة أمراً تقتضیه غایة البحث . ولا أرید إدعاء شیئاً أکثر من إنی قد حرصت على عدم التفریط بالإطار التصوری العام المتعلق بمسألة المنقذ کما یراها کل طرف من هذه الأطراف ، غاضاً النظر عن التفاصیل التی تشکل مادة الإختلاف ، إذ لا یخفى أن اختلاف هذه الأطراف فی بعض حیثیات نفس الفکرة ، واختلافها کذلک بالإطار الأشمل دینیاً ، کان کما هو الحال فی الدیانات الثلاثة ، أو مذهبیاً کما فی حالة السنة والشیعة ، أقول لا یخفى أن هذا الإختلاف سیجد طریقه السالکة الى الحل فیما لو آمنا بأن الوصول الى نتیجة واضحة وحاسمة فی ما یتعلق بالکیفیة التی نحدد بها منقذ البشریة سیترتب علیه حتماً بلوغ الحل بالنسبة لجمیع المشکلات الأخرى . فحیث أن المنقذ یمثل کلمة سواء تجمع کل الأطراف ، وحیث أن اللحظة التی یحضر فیها المنقذ بیننا تمثل لحظة الحقیقة التی ینکشف فیها الدین الإلهی الصحیح ، وتتحدد إرادة الله سبحانه فی خلقه من خلال المنقذ نفسه ، فإن الإتفاق على الطریق الصحیحة الموصلة إلیه یمثل بالنتیجة حلاً لکل المشکلات دون استثناء ، لأنه بالوصول إلیه نکون قد وصلنا لکل ما نصبوا إلیه .
علینا إذن أن نضع
جانباً تلک التعصبات والمهاترات التی حفل بها تأریخ العلاقة بیننا ، ونرکز جهودنا هذه المرة على السبیل الموصل لحل جمیع خلافاتنا ، فلیس من طلب الحق فأخطأه کمن طلب الباطل فأصابه .
وبطبیعة
الحال أنا لا أتحدث هنا حدیثاً نظریاً ، أو حدیثاً طوباویاً ، فأنا فی الواقع أضع نصب عینیّ الدعوة المبارکة التی رفع لواءها السید أحمد الحسن المرسل من الإمام المهدی ومن عیسى ومن إیلیا ( علیهم السلام ) ، أی إننی أحمل الى الناس البشرى بحضور المنقذ بیننا ، وأتمنى علیهم فقط أن ینظروا بعین الإنصاف الى الدلیل الذی یحمله السید أحمد الحسن لیتبینوا صدق دعوته . ومن أراد مزید إطلاع على الدعوة المبارکة علیه الرجوع الى موقع أنصار الإمام المهدی على شبکة الإنترنیت .
والحمد لله الذی هدانا
لهذا وما کنا لنهتدی لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق . ربی توفنی مسلّماً وألحقنی بالصالحین ؛ محمد وآله الطاهرین . ( والحمد لله الذی خلقنی فهو یهدینی ربی ألحقنی بالصالحین ولا تُخزنی یوم یبعثون یوم لا ینفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سلیم . ربی وتقبل منی هذا العمل القلیل وارض قلب صاحب الزمان عنی ..مولای یا صاحب الزمان ، یا حجة الله فی أرضه یا بقیة الأنبیاء والأوصیاء أیها المظلوم المغصوب الحق یا أیها العزیز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاه فأوف لنا الکیل وتصدق علینا أن الله یجزی المتصدقین … )

والحمد لله وحده وحده وحده

 

بین یدی البحث

المهدی کلمة سواء
تمثل عقیدة المهدی أو المنقذ أو المعزی عقیدة
جوهریة بالنسبة لجمیع الدیانات السماویة ، بل إن المسألة تتعدى الدیانات السماویة الى العقائد البشریة الوضعیة ، الأمر الذی یشیر الى فطریة هذه العقیدة ، ویشیر کذلک الى أن الجهود التی بذلها آلاف الأنبیاء قد أثمرت هذه العقیدة الراسخة فی النفوس ، فما من قریة إلا خلا فیها نذیر ، وما من نبی إلا بشر قومه وأنذرهم بیوم قیامة القائم الذی یطهر الأرض من رجس الطواغیت ویملؤها عدلاً وقسطاً .
(( إن فکرة ظهور المنقذ
العظیم الذی سینشر العدل والرخاء بظهوره فی آخر الزمان ، ویقضی على الظلم والاضطهاد فی أرجاء العالم ، ویحقق العدل والمساواة فی دولته الکریمة ، فکرة آمن بها أهل الأدیان الثلاثة ، واعتنقتها معظم الشعوب . فقد آمن الیهود بها ، کما آمن النصارى بعودة عیسى علیه السلام ، وصدق بها الزرادشتیون بانتظارهم عودة بهرام شاه ، واعتنقها مسیحیو الأحباش بترقبهم عودة ملکهم تیودور کمهدی فی آخر الزمان ، وکذلک الهنود الذین اعتقدوا بعودة فیشنو ، ومثلهم المجوس إزاء ما یعتقدونه من حیاة أوشیدر . وهکذا نجد البوذیین ینتظرون ظهور بوذا ، کما ینتظر الأسبان ملکهم روذریق ، والمغول قائدهم جنگیز خان . وقد وُجد هذا المعتقد عند قدامى المصریین ، کما وُجد فی القدیم من کتب الصینیین . وإلى جانب هذا نجد التصریح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأن العالم فی انتظار المصلح العظیم الذی سیأخذ بزمام الأمور ویوحد الجمیع تحت رایة واحدة وشعار واحد ؛ ومنهم : الفیلسوف الانجلیزی الشهیر برتراند راسل ، الذی قال : ( إن العالم فی انتظار مصلح یوحد العالم تحت عَلَم واحد وشعار واحد ) . ومنهم العلامة آینشتاین صاحب ( النظریة النسبیة ) ، القائل : ( إن الیوم الذی یسود العالم کله الصلح والصفاء ، ویکون الناس فیه متحابین متآخین ، لیس ببعید ) . والأکثر من هذا کله هو ما جاء به الفیلسوف الانکلیزی الشهیر برناردشو حیث بشر بمجئ المصلح فی کتابه ( الإنسان والسوبرمان ) . وفی ذلک یقول الأستاذ الکبیر عباس محمود العقاد فی کتابه ( برناردشو ) معلقا : یُلوّح لنا أن سوبرمان شو لیس بالمستحیل ، وأن دعوته إلیه لا تخلو من حقیقة ثابتة )) [ المهدیة فی الإسلام / سعد محمد حسن : 43 - 44 ، والإمامة وقائم القیامة الدکتور مصطفى غالب : 270 . المهدی الموعود ودفع الشبهات عنه السید عبد الرضا الشهرستانی : 6 و 7 . برناردشو عباس محمود العقاد : 124 – 125 ] .
وقد وردت فی کتب
الدیانات نصوص کثیرة فی هذا الصدد ، منها ما جاء فی (سفر أشعیا) : (( ستخرج من القدس بقیة من " جبل صهیون " . غیرة رب الجنود ستصنع هذا )) . وورد التأکید على هذا المعنى فی " سفر زکریا " : (( ابتهجی کثیرا یا بنت صهیون . هو ذا ملکک سیأتی إلیک )) . وفی السفر نفسه وغیره نجد إشارات صریحة بظهور المنقذ وکیفیة حکمه وارتباطه بالله تعالى ، وفیما یلی نموذج لهذه الإشارات من ( سفر أشعیا ) : (( ویحل علیه روح الرب وروح الحکمة والفهم ، وروح المشورة والقوة ، وروح المعرفة ومخافة الرب . - ولذته فی مخافة الرب ، ولا یقضی بحسب مرأى عینیه ، ولا بحسب مسمع أذنیه . - ویحکم بالإنصاف لبائسی الأرض ویضرب الأرض بقضیب فمه ، ویمیت المنافق بنفخة شفتیه . - ویسکن الذئب والخروف ، ویربض النمر مع الجدی ، والعجل والشبل معا ، وصبی صغیر یسوقها . - ویلعب الرضیع على سرب الصل ، ویمد الفطیم یده على جحر الأفعوان . - لا یسیئون ولا یفسدون فی کل جبل قدسی . لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب کما تغطی المیاه البحر )) . وأما فی الفقرة ( 10 ) فقد جاءت الإشارة إلى الإمام ( علیه السلام ) بأحد ألقابه وهو " القائم " ، (( وفی ذلک الیوم سیرفع " القائم " رایة للشعوب والأمم التی تطلبه وتنتظره ویکون محله مجدا )) و جاء فی ( سفر أرمیا ) : (( اصعدی أیتها الخیل وهیجی المرکبات ، ولتخرج الأبطال : کوش وقوط القابضان المجن ، واللودیون القابضون القوس ، فهذا الیوم للسید رب الجنود ، یوم نقمة للانتقام من مبغضیه ، فیأکل السیف ویشبع . . . لأن للسید رب الجنود ذبیحة فی أرض الشمال عند نهر الفرات )) .
أما بالنسبة
للمسیحیة فقد جاء فی " سفر یوحنا " : (( ثم رأیت ملاکا طائرا فی وسط السماء . معه بشارة أبدیة لیبشر الساکنین على الأرض . وکل أمة وقبیلة ولسان وشعب . منادیا بصوت عظیم : خافوا الله وأعطوه مجدا . لأنه قد جاءت ساعة حکمه . واسجدوا لصانع السماء والأرض والبحر وینابیع المیاه )) . أقول : فی هذا النص إشارة واضحة للصیحة أو النداء التی نصت علیه أحادیث کثیرة فی مصادر المسلمین .
وبالنسبة للمصادر الإسلامیة ، جاء فی صحیح مسلم
4/2230 : (( عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله علیه وآله یقول: لا یذهب اللیل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ! فقلت یا رسول الله إن کنت لأظن حین أنزل الله : هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، أن ذلک تاماً ! قال: إنه سیکون من ذلک ما شاء الله ، ثم یبعث الله ریحاً طیبة فتوفی کل من فی قلبه مثقال حبة من خردل من إیمان ، فیبقى من لا خیر فیه فیرجعون إلى دین آبائهم ). ونحوه فی/2231 ، والحاکم :4/446 ، بتفاوت یسیر وصححه على شرط مسلم . ومصابیح البغوی:3/519 ، وجامع الأصول:11/84 ، عن روایة مسلم الأولى. وعبد الرزاق:11/381 ، وروى مسلم بعضه عن أبی هریرة:1/109.
وفی تفسیر
الطبری:10/82 ، عن أبی هریرة فی قوله: لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ، قال: حین خروج عیسى بن مریم ، والبیهقی :9/180 ، عن جابر بن عبد الله ، ومثله الدر المنثور:3/241 ، وقال : وأخرج عبد بن حمید ، وأبو الشیخ ، عن أبی هریرة عن مجاهد فی قوله : لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، قال : إذا نزل عیسى بن مریم لم یکن فی الأرض إلا الإسلام .
وفی بیان الشافعی/528 ، عن سعید بن جبیر فی تفسیر
قوله عز وجل: لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، قال : هو المهدی من عترة فاطمة ، وقال : وأما من قال إنه عیسى علیه السلام فلا تنافی بین القولین إذ هو مساعد للإمام . وعنه نور الأبصار/186، وکشف الغمة:3/280 . وفی تفسیر الرازی:16/40: روی عن أبی هریرة أنه قال: هذا وعد من الله بأنه تعالى یجعل الإسلام عالیاً على جمیع الأدیان ثم قال الراوی: وتمام هذا إنما یحصل عند خروج عیسى ، وقال السدی: ذلک عند خروج المهدی لا یبقى أحد إلا دخل فی الإسلام أو أدى الخراج) . [ نقلاً عن المعجم الموضوعی لأحادیث الإمام المهدی ] .
(( والمسلمون على
اختلاف مذاهبهم وفرقهم یعتقدون بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان وعلى طبق ما بشر به النبی صلى الله علیه وآله وسلم ، ولا یختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، ولا فرقة دون أخرى . وما أکثر المصرحین من علماء أهل السنة ابتداء من القرن الثالث الهجری وإلى الیوم بأن فکرة الظهور محل اتفاقهم ، بل ومن عقیدتهم أجمع ، الأکثر من هذا إفتاء الفقهاء منهم : بوجوب قتل من أنکر ظهور المهدی ، وبعضهم قال : بوجوب تأدیبه بالضرب الموجع والإهانة حتى یعود إلى الحق والصواب على رغم أنفه ، على حد تعبیرهم . ولهذا قال ابن خلدون معبرا عن عقیدة المسلمین بظهور المهدی : اعلم أن المشهور بین الکافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار : أنه لا بد فی آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البیت ، یؤید الدین ، ویظهر العدل ، ویتبعه المسلمون ، ویستولی على الممالک الإسلامیة ، ویسمى المهدی ( تاریخ ابن خلدون 1 : 555 الفصل 52 ) وقد وافقه على ذلک الأستاذ أحمد أمین الأزهری المصری - على الرغم مما عرف عنهما من تطرف إزاء هذه العقیدة - فقال معبرا عن رأی أهل السنة بها : فأما أهل السنة فقد آمنوا بها أیضا (رسالة المهدی والمهدویة/ أحمد أمین : 41 ) ، ثم ذکر نص ما ذکره ابن خلدون ( المهدی والمهدویة : 110 ) . ثم قال : وقد أحصى ابن حجر الأحادیث المرویة فی المهدی فوجدها نحو الخمسین (المهدی والمهدویة / 48 ) . ثم ذکر ما قرأه من کتب أهل السنة حول المهدی فقال : قرأت للأستاذ أحمد بن محمد بن الصدیق فی الرد على ابن خلدون [ رسالة ] سماها : ( إبراز الوهم المکنون من کلام ابن خلدون ) ، وقد فند کلام ابن خلدون فی طعنه على الأحادیث الواردة فی المهدی وأثبت صحة الأحادیث ، وقال : إنها بلغت التواتر ( المهدی والمهدویة : 106 ) . وقال فی موضع آخر : قرأت رسالة أخرى فی هذا الموضوع عنوانها : الإذاعة لما کان وما یکون بین یدی الساعة لأبی الطیب بن أبی أحمد بن أبی الحسن الحسنی (المهدی والمهدویة :109) . وقال أیضا : قد کتب الإمام الشوکانی کتابا فی صحة ذلک سماه : التوضیح فی تواتر ما جاء فی المنتظر والدجال والمسیح (المهدی والمهدویة /110). إذن لا فرق بین الشیعة وأهل السنة من حیث الإیمان بظهور المنقذ ما دام أهل السنة قد وجدوا فی ذلک خمسین حدیثا من طرقهم ، وعدوا ظهور المهدی من أشراط الساعة ، وأثبتوا بطلان کلام ابن خلدون فی تضعیفه لبعض الأحادیث الواردة فی ذلک ، وأنهم ألفوا فی الرد أو القول بالتواتر کتبا ورسائل ، بل لا فرق بین جمیع المسلمین وبین غیرهم من أهل الأدیان والشعوب الأخرى من حیث الإیمان بأصل الفکرة وإن اختلفوا فی مصداقها ، فإذا أضفنا إلى ذلک اتفاق المذاهب الإسلامیة جمیعا على صحة الاعتقاد بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان وأنه من أهل البیت علیهم السلام عُلم أن اتفاقهم هذا لا بد وأن یکون معبرا عن إجماع هذه الأمة التی لا تجتمع على ضلالة على ما هو مقرر فی محله )) . [ المهدی المنتظر فی الفکر الاسلامی - مرکز الرسالة ] .
(( ولا یبعد
القول بأنه ما من محدث من محدثی الإسلام إلا وقد أخرج بعض الأحادیث المبشرة بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان ، وقد أفردوا کتبا کثیرة فی الإمام المهدی خاصة ( أوصلها الأستاذ علی محمد علی دخیل فی کتابه : الإمام المهدی علیه السلام / ص 259 - 265 إلى ثلاثین کتابا من کتب أهل السنة فی الإمام المهدی خاصة ، بینما أوصلها العلامة ذبیح الله المحلاتی إلى أربعین کتابا وقد أدرجها بأسمائها وأسماء مؤلفیها فی کتاب : مهدی أهل البیت ص 18 - 21 . وفی نفس الکتاب المذکور ذکر قائمة أخرى للکتب المؤلفة من قبل الشیعة فی الإمام المهدی علیه السلام فأوصلها إلى مئة وعشرة کتب ، وهناک کتب کثیرة فی المهدی لم تدرج فی هذین الکتابین ) . وأما عن العلماء والمحدثین الذین أخرجوا أحادیث المهدی أو أوردوها عمن تقدم علیهم على سبیل الاحتجاج بها - حسبما وقفنا علیه فی کتبهم - فهم : ابن سعد صاحب الطبقات الکبرى ( ت 230 ه‍ ) ، وابن أبی شیبة ( ت 235 ه‍ ) ، وأحمد بن حنبل ( ت 241 ه‍ ) ، والبخاری ( ت 256 ه‍ ) الذی ذکر المهدی بالوصف دون الاسم ، ومثله فعل مسلم ( ت 261 ه‍ ) فی صحیحه ، وأبو بکر الإسکافی ( ت 620 ه‍ ) ، وابن ماجة ( ت 273 ه‍ ) ، وأبو داود ( ت 275 ه‍ ) ، وابن قتیبة الدینوری ( ت 276 ه‍ ) ، والترمذی ( ت 279 ه‍ ) ، والبزار ( ت 292 ه‍ ) ، وأبو یعلى الموصلی ( ت 307 ه‍ ) ، والطبری ( ت 310 ه‍ ) ، والعقیلی ( ت 322 ه‍ ) ، ونعیم بن حماد ( ت 328 ه‍ ) ، وشیخ الحنابلة فی وقته البربهاری ( ت 329 ه‍ ) فی کتابه ( شرح السنة ) ، وابن حبان البستی ( ت 354 ه‍ ) ، والمقدسی ( ت 355 ه‍ ) والطبرانی ( ت 360 ه‍ ) ، وأبو الحسن الآبری ( ت 363 ه‍ ) ، والدارقطنی ( ت 385 ه‍ ) ، والخطابی ( ت 388 ه‍ ) ، والحاکم النیسابوری ( ت 405 ه‍ ) ، وأبو نعیم الإصبهانی ( ت 430 ه‍ ) ، وأبو عمرو الدانی ( ت 444 ه‍ ) ، والبیهقی ( ت 458 ه‍ ) ، والخطیب البغدادی ( ت 463 ه‍ ) ، وابن عبد البر المالکی ( ت 463 ه‍ ) ، والدیلمی ( ت 509 ه‍ ) ، والبغوی ( ت 510 أو 516 ه‍ ) ، والقاضی عیاض ( ت 544 ه‍ ) ، والخوارزمی الحنفی ( ت 568 ه‍ ) ، وابن عساکر ( ت 571 ه‍ ) ، وابن الجوزی ( ت 597 ه‍ ) ، وابن الأثیر الجزری ( ت 606 ه‍ ) ، وابن العربی ( ت 638 ه‍ ) ، ومحمد بن طلحة الشافعی ( ت 652 ه‍ ) ، والعلامة سبط ابن الجوزی ( ت 654 ه‍ ) ، وابن أبی الحدید المعتزلی الحنفی ( ت 655 ه‍ ) ، والمنذری ( ت 656 ه‍ ) ، والکنجی الشافعی ( ت 658 ه‍ ) ، والقرطبی المالکی ( ت 671 ه‍ ) ، وابن خلکان ( ت 681 ه‍ ) ، ومحب الدین الطبری ( ت 694 ه‍ ) ، والعلامة ابن منظور ( ت 711 ه‍ ) ، ( فی مادة هدی من لسان العرب ) ، وابن تیمیة ( ت 728 ه‍ ) ، والجوینی الشافعی ( ت 730 ه‍ ) ، وعلاء الدین بن بلبان ( ت 739 ه‍ ) ، وولی الدین التبریزی ( ت بعد سنة 741 ه‍ ) ، والمزی ( ت 739 ه‍ ) ، والذهبی ( ت 748 ه‍ ) ، وابن الوردی ( ت 749 ه‍ ) ، والزرندی الحنفی ( ت 750 ه‍ ) ، وابن قیم الجوزیة ( ت 751 ه‍ ) ، وابن کثیر ( ت 774 ه‍ ) ، وسعد الدین التفتازانی ( ت 793 ه‍ ) ، ونور الدین الهیثمی ( ت 807 ه‍ ) ، وابن خلدون المغربی ( ت 808 ه‍ ) الذی صحح أربعة أحادیث من أحادیث المهدی ، والشیخ محمد الجزری الدمشقی الشافعی ( ت 833 ه‍ ) ، وأبو بکر البوصیری ( ت 840 ه‍ ) ، وابن حجر العسقلانی ( ت 852 ه‍ ) ، والسخاوی ( ت 902 ه‍ ) ، والسیوطی ( ت 911 ه‍ ) ، والشعرانی ( ت 973 ه‍ ) ، وابن حجر الهیتمی ( ت 974 ه‍ ) ، والمتقی الهندی ( ت 975 ه‍ ) إلى غیر ذلک من المتأخرین کالشیخ مرعی الحنبلی ( ت 1033 ه‍ ) ، ومحمد رسول البرزنجی ( ت 1103 ه‍ ) ، والزرقانی ( ت 1122 ه‍ ) ، ومحمد بن قاسم الفقیه المالکی ( ت 1182 ه‍ ) ، وأبی العلاء العراقی المغربی ( ت 1183 ه‍ ) ، والسفارینی الحنبلی ( ت 1188 ه‍ ) ، والزبیدی الحنفی ( ت 1205 ه‍ ) فی کتاب ( تاج العروس ) مادة : هدی ، والشیخ الصبان ( ت 1206 ه‍ ) ، ومحمد أمین السویدی ( ت 1246 ه‍ ) ، والشوکانی ( ت 1250 ه‍ ) ، ومؤمن الشبلنجی ( ت 1291 ه‍ ) ، وأحمد زینی دحلان الفقیه والمحدث الشافعی ( ت 1304 ه‍ ) ، والسید محمد صدیق القنوجی البخاری ( ت 1307 ه‍ ) ، وشهاب الدین الحلوانی الشافعی ( ت 1308 ه‍ ) ، وأبی البرکات الآلوسی الحنفی ( ت 1317 ه‍ ) ، وأبی الطیب محمد شمس الحق العظیم آبادی ( ت 1329 ه‍ ) ، والکتانی المالکی ( ت 1345 ه‍ ) ، والمبارکفوری ( ت 1353 ه‍ ) ، والشیخ منصور علی ناصف ( ت بعد سنة 1371 ه‍ ) ، والشیخ محمد الخضر حسین المصری ( ت 1377 ه‍ ) ، وأبی الفیض الغماری الشافعی ( ت 1380 ه‍ ) ، وفقیه القصیم بنجد الشیخ محمد بن عبد العزیز المانع ( ت 1385 ه‍ ) ، والشیخ محمد فؤاد عبد الباقی ( ت 1388 ه‍ ) ، وأبی الأعلى المودودی ، وناصر الدین الألبانی إلى ما شاء الله من المعاصرین ، وإذا ما أضفنا إلیهم أعلام المفسرین من أهل السنة أیضا کما تقدمت الإشارة إلى بعضهم فلک أن تقدر حجم الاتفاق على روایة أحادیث المهدی ، والاحتجاج بها . وذکر الدکتور أحمد صبحی فی کتابه ( نظریة الإمامة ) أنه قد شاع الاعتقاد فی انتظار المهدی ( علیه السلام ) عند جماعة من أهل السنة ، وإن لم یتقرر کأصل من أصول عقیدتهم کما هو الحال لدى الشیعة ، ومضى یقول : وشارک فی الاعتقاد بالمهدی المنتظر فریق آخر من علماء السنة بالرغم من عدائهم التقلیدی للشیعة وإنکارهم لأکثر عقائدهم ، فیعتقد ابن تیمیة بصحة الحدیث الذی رواه ابن عمر عن النبی ( صلى الله علیه وآله ) وجاء فیه : یخرج فی آخر الزمان رجل من ولدی اسمه کاسمی وکنیته کنیتی ، یملأ الأرض عدلا کما ملئت جورا وذلک هو المهدی . وفی حدیث آخر له : المهدی من عترتی ومن ولد فاطمة ، کما یرى أن ما رواه أحمد والترمذی وأبو داود حول المهدی ( علیه السلام ) من الصحاح )) [ المهدی المنتظر علیه السلام ج 1 الحاج حسین الشاکری ] .



هل الصحابة کلهم علی سواء ؟

من الامور التی یتهم بها الشیعة قدیما و حدیثا تهمة موقفهم من الصحابة و انهم یکنون الکره – کما یدعی خصوم الشیعة للصحابة، و هذه التهمة عندما نضعها امام الواقع الموضوعی و ندرسها دراسة موضوعیة نجدها بعیدة کل البعد عن الواقع و الحقیقة، لان الشیعة تکن کامل الاحترام للرسول الاکرم(ص) و صحبه المیامین، فکیف نکره الصحابة و هم حملة الرسالة و النور الالهی الى البشریة و هم السند و العماد و المدافع عن رسول الله (ص) و المجاهدون بین یدیه؟!

کیف نکرهم و نحن نسمع کلام الله تعالى یتلى فی مدحهم و الثناء علیهم حیث یقول عزّ من قائل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذینَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْکُفَّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ تَراهُمْ رُکَّعاً سُجَّداً یَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سیماهُمْ فی‏ وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِکَ مَثَلُهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِی الْإِنْجیلِ کَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى‏ عَلى‏ سُوقِهِ یُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِیَغیظَ بِهِمُ الْکُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظیما) و اولئک هم الذین نصروا الله و رسوله و احیوا دینه و اقاموا دعائم دولة الاسلام و اماتوا الجاهلیة.

و هذا امامنا امیرالمؤمنین (ع) یقول فیهم:" لَقَدْ رَأَیْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ (ص) فَمَا أَرَى أَحَداً یُشْبِهُهُمْ مِنْکُمْ لَقَدْ کَانُوا یُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً وَ قَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَ قِیَاماً یُرَاوِحُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ وَ یَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِکْرِ مَعَادِهِمْ کَأَنَّ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ رُکَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ إِذَا ذُکِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْیُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُیُوبَهُمْ وَ مَادُوا کَمَا یَمِیدُ الشَّجَرُ یَوْمَ الرِّیحِ الْعَاصِفِ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ وَ رَجَاءً لِلثَّوَاب.‏

ویقول علیه السلام ایضا:" أَیْنَ إِخْوَانِیَ الَّذِینَ رَکِبُوا الطَّرِیقَ وَ مَضَوْا عَلَى الْحَقِّ أَیْنَ عَمَّارٌ وَ أَیْنَ ابْنُ التَّیِّهَانِ وَ أَیْنَ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ وَ أَیْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِینَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِیَّةِ، وَ أُبْرِدَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى الْفَجَرَةِ قَالَ [نَوْ) ثُمَّ ضَرَبَ یَدَهُ إِلَى لِحْیَتِهِ وَ أَطَالَ الْبُکَاءَ، ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَوِّهْ عَلَى إِخْوَانِیَ الَّذِینَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْکَمُوهُ وَ تَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ وَ أَحْیَوُا السُّنَّةَ وَ أَمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَ وَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا .

و من ادعیة الامام السجاد زین العابدین علی بن الحسین (ع) فی الصحیفة السجادیة یدعو فیه للصحابة:" اللَّهُمَّ وَ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَ مُصَدِّقُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْغَیْبِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْمُعَانِدِینَ لَهُمْ بِالتَّکْذِیبِ وَ الِاشْتِیَاقِ إِلَى الْمُرْسَلِینَ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ‏ فِی کُلِّ دَهْرٍ وَ زَمَانٍ أَرْسَلْتَ فِیهِ رَسُولًا وَ أَقَمْتَ لِأَهْلِهِ دَلِیلًا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَ قَادَةِ أَهْلِ التُّقَى، عَلَى جَمِیعِهِمُ السَّلَامُ، فَاذْکُرْهُمْ مِنْکَ بِمَغْفِرَةٍ وَ رِضْوَانٍ.  اللَّهُمَّ وَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً الَّذِینَ أَحْسَنُوا الصَّحَابَةَ وَ الَّذِینَ أَبْلَوُا الْبَلَاءَ الْحَسَنَ فِی نَصْرِهِ، وَ کَانَفُوهُ، وَ أَسْرَعُوا إِلَى وِفَادَتِهِ، وَ سَابَقُوا إِلَى دَعْوَتِهِ، وَ اسْتَجَابُوا لَهُ حَیْثُ أَسْمَعَهُمْ حُجَّةَ رِسَالَاتِهِ.  وَ فَارَقُوا الْأَزْوَاجَ وَ الْأَوْلَادَ فِی إِظْهَارِ کَلِمَتِهِ، وَ قَاتَلُوا الْآبَاءَ وَ الْأَبْنَاءَ فِی تَثْبِیتِ نُبُوَّتِهِ، وَ انْتَصَرُوا بِهِ.  وَ مَنْ کَانُوا مُنْطَوِینَ عَلَى مَحَبَّتِهِ یَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فِی مَوَدَّتِهِ.  وَ الَّذِینَ هَجَرَتْهُمْ الْعَشَائِرُ إِذْ تَعَلَّقُوا بِعُرْوَتِهِ، وَ انْتَفَتْ مِنْهُمُ الْقَرَابَاتُ إِذْ سَکَنُوا فِی ظِلِّ قَرَابَتِهِ.  فَلَا تَنْسَ لَهُمُ اللَّهُمَّ مَا تَرَکُوا لَکَ وَ فِیکَ، وَ أَرْضِهِمْ مِنْ رِضْوَانِکَ، وَ بِمَا حَاشُوا الْخَلْقَ عَلَیْکَ، وَ کَانُوا مَعَ رَسُولِکَ دُعَاةً لَکَ إِلَیْکَ.  وَ اشْکُرْهُمْ عَلَى هَجْرِهِمْ فِیکَ دِیَارَ قَوْمِهِمْ، وَ خُرُوجِهِمْ مِنْ سَعَةِ الْمَعَاشِ إِلَى ضِیقِهِ، وَ مَنْ کَثَّرْتَ فِی إِعْزَازِ دِینِکَ مِنْ مَظْلُومِهِمْ.  اللَّهُمَّ وَ أَوْصِلْ إِلَى التَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لِإِخْوَانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونَا بِالْإِیمَانِ خَیْرَ جَزَائِکَ".

و هکذا تجد فقهاء الشیعة یعرفون للصحابة منزلتهم و مکانتهم و انهم کانوا یمثلون الطلیعة الاسلامیة یقول السید الشهید الصدر(قدس):" ان الصحابة  بوصفهم الطلیعة المؤمنة و المستنیرة کانوا افضل و اصلح بذرة لنشوء امة رسالیة،حتى ان تاریخ الانسان لم یشهد جیلا عقائدیا اروع و انبل و اطهر من الجیل الذی انشاه الرسول القائد".  

نعم نحن نختلف مع اخواننا اهل السنة حیث نرى ان صحابة النبی(ص) او الذین عاشوا معه یمکن تصنیفهم الى عدة اصناف حسب الترتیب القرآنی لهم:

*السابقون الاوّلون:( وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرینَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْری تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدینَ فیها أَبَداً ذلِکَ الْفَوْزُ الْعَظیم‏).

* المبایعون تحت الشجرة: (لَقَدْ رَضِیَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فی‏ قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّکینَةَ عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَریباً ) .

*المنفقون و المقاتلون قبل الفتح: (لا یَسْتَوی مِنْکُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِکَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ کُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیر)

فی مقابل تلک النماذج العالیة و الشخصیات الرائعة نرى القرآن الکریم یذکر لنا اصنافاً اخرى تختلف اختلافا کلیا مع سابقتها منهم:

*المنافقون       * المنافقون المتسترون الذین لایعرفهم النبی(ص) .    *ضعفاء الایمان و مرضى القلوب*السماعون لاهل الفتن *الذین خلطوا عملا صالحا و آخر سیئا. * المشرفون على الارتداد. *الفساق الذی لایصدقهم قولهم عملهم. * الذین لم یدخل الایمان فی قلوبهم.

و غیر ذلک من الصفات الذامة لبعضهم من هنا یمکن القول: ان خلاصة رأی الشیعة فی الصحابة هو:

ترى مدرسة اهل البیت (ع) ان حال الصحابة کحال غیرهم من حیث العدالة ، ففیهم العادل و غیر العادل، و لیس کل من صحب النبی الاکرم کان عادلا، و لیس للصحبة دور فی عدالة الصحابی ما لم تتجسد سیرة الرسول الاکرم (ص) فی سلوکه و مواقفه.

فالملاک هو السیرة العملیة، و کل من تطابقت سیرته مع المنهج الاسلامی فهو عادل، و من خالف المنهج الاسلامی فهو غیر عادل، و هذا الرأی یتطابق مع القرآن الکریم و السنة النبویة الشریفة، کما بینا ذلک،  و ان فیهم من قصد اغتیال رسول الله فی لیلة العقبة.

ثم کیف نسوی و بای منطق بین الصحابی الجلیل مالک بن نویرة و بین الذی قتله و دخل بزوجته فی نفس تلک اللیلة؟!، فلیس من الصحیح ان ندافع عن انسان شرب الخمر مثل [الولید بن عقبة] بحجة أنّه صحابی، او الدفاع عن انسان جعل الحکم الاسلامی ملکاً عضوضاً و قتل الصالحین من الامة و حارب الامام و الخلیفة الشرعی (علی بن ابی طالب) و هل من منطق العقل ان نساوی بین عمّار بن یاسر(رض) و بین رئیس و قائد الفئة الباغیة فی الوقت الذی نقرأ فیه قول الرسول (ص) : " عمار تقتله الفئة الباغیة"، بحجة ان الاثنین من الصحابة؟!

فهل تجد عاقلا یجیز هذا العمل؟ ثم اذا رضینا بهذا العمل هل یبقى من الاسلام الاّ انه منهج تبریری یبرر للاقویاء ما یفعلونه تحت ذریعة الصحبة و الصحابة؟! الحقیقة ان الاسلام اعز و اکرم من نلطخه بجرائم المجرمین و المنحرفین مهما کانوا و فی أی وقت عاشوا، هذا هو معتقدنا و لانجامل فیه احدا ، لان الحق احق ان یتبع . ثم نسأل البعض من اخواننا أهل السنة هل یساوی بین الخلیفة عثمان و قتلته؟ فاذا کان یساوی فلماذا الهجوم على علی (ع) وتجییش الجیوش فی حرب الجمل و صفین، تحت ذریعة المطالبة بدم عثمان، و اذا لم یساوی بینما و یعتبر المعارض له و المساعد فی قتله- فضلا عن قاتله- انسانا خارجا عن القانون و الشرع، فهو حینئذ یؤمن بعدم  عدالة الصحابة، فلماذا الهجوم على الشیعة و هو یرى مثل رأیهم فالمعیار قائم على التمسک بسیرة النبی الاکرم(ص) و الالتزام بسنته فی حیاته و بعد رحیله فمن تمسک نکن له کامل الاحترام و نقتدی به فی سلوکه و نترحم علیه و ندعو الله له برفیع الدرجات، فعلى سبیل المثال نرى اثنین من الصحابة معهم احدى امهات المؤمنین قد حشدوا الجیوش و الرجال و جاءوا الى البصرة لیحاربوا الخلیفة الشرعی علی بن ابی طالب(ع) فی معرکة الجمل و قد راح ضحیة هذه الحرب الالاف من المسلمین و هنا نسأل کیف جاز لهؤلاء الخروج و اراقة کل هذه الدماء؟ و هکذا عندما خرج علیه شخصیة اخرى تتصف بانها من الصحابة فی معرکة صفین التی اکلت الاخضر و الیابس؟.نحن نقول ان هذا العمل مخالف للشرعیة و اعتداء على الامام و الخلیفة الشرعی و لایکفی فی تبریره کون القائم به صحابیا او غیره، هذه هی نقطة الاختلاف الاساسیة بین الرؤیة الشیعیة و رؤیة غیرهم و لیست القضیة السب او الشتم او ما شابه ذلک.

المنبع : http://arabic.islamquest.net/QuestionArchive/1072.ASPX


شبکة الاسلام


عقیدة الشیعة

عقیدة الشیعة

لماذا نتمسک بآل النبی (صلی الله علیه و آله و سلم ) ؟

إن الشیعة فی التأریخ کانوا مظلومین أئمة و أتباعا من قبل الحکام و الخلفاء الأمویین و العباسیین  ، ففی عهد الخلفاء خاصة فی عهد معاویة ابن ابی سفیان بدأ التعذیب و الضغوط علی الشیعة و علی رأسهم علی و اولاده و عشیرة الرسول ، فمعاویة هو أول من سن سنة اللعن و السب تجاه علی ابن ابی طالب و أولاده و ذلک علی فوق المنابر و داخل المساجد و یستمر اللعن علی آل ابی طالب و آل الرسول (علیهم السلام ) الی عهد عمر ابن عبد العزیز و معاویة کان ملکا بدل أن یکون خلیفة للمسلمین و یشهد التأریخ بأن معاویة هو أول من جلس علی السریر الملکی و اول من کان یرتدی ملابس الملوک و یأکل کما یأکل الملوک و نقل عن الخلیفة الثانی الذی نصبه کالوالی علی بلاد الشام بعد وفاة أخیه یزید ابن ابی سفیان إنه یقول : "معاویة کسری العرب" فهو شنّ حرب الصفین علی الخلیفة المنتخب من قبل المسلمین علی ابن ابی طالب (علیه السلام ) بعد قرار الامام علی بعزله عن ولایة الشام و جاء بالجیوش الغفیرة من الشام الی منطقة الصفین فی مدینة الرقة بسوریا بعد وصول جیوش الکوفة و البصرة الی تلک المنطقة و هو برفقة عمرو ابن العاص إحتال فی الحرب و لم یغلب و لم ینتصر عسکریا و نظامیا بل غلب علی جیوش العراق فی قضیة الحکمیة وبعد ذلک حدثت التفرقة فی جیش علی ابن ابی طالب و نشأ الخوارج و قاتلوا علیا فی نهروان و قبل وصولهم الی البصرة و قتل الکثیر منهم و تاب عدد کبیر منهم و هرب قلیل منهم .  علی ای حال إن الشیعة طردوا من الحکومة و لم یکن لهم دور سیاسی فی المجمتع الاسلامی کحاکم أو وال أو مدیر فی الولایات الاسلامیة بل کان کثیر منهم معتقلین و مبعدین عن مواطنهم و فی عهد خلفاء بنی أمیة قد هاجر الکثیر من ذریة رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) الی مختلف المناطق فی العالم من جملتها شمال و غرب إفریقیا و الهند و الباکستان و ایران و الدول العربیة و غیرها و وجود الشرفاء فی تلک المناطق أدل دلیل علی مهاجرتهم او فرارهم الیها و التاریخ شاهد علی هذا الظلم العظیم بالنسبة الی أهل البیت و أتباعهم ، إضافة الی الجور و الظلم و التعذیب علی أهل البیت و أتباعهم  فإنهم کانوا یتّهمون بالخروج عن الدین کما فعل یزید ابن معاویة ذلک فی إعلانه بأن الأسراء فی کربلا هم من الخوارج او کانوا یتهمون بالرفض للدین و سمّی أتباع اهل البیت بالرافضة و سمی أئمتهم بأئمة الرافضة ؛ مع أن جمیع المسلمین یعترفون بأن اهل البیت من علی ابن أبی طالب الی الإمام المهدی ( علیهم السلام ) کانوا أعلم الناس و أفقههم و أورعهم و أتقیهم و أزهدهم فی الدنیا و شأنهم کان لا یخفی علی الناس حتی بعض الخلفاء و الحکام ، هذا امیر المؤمنین علی ابن ابی طالب ( علیه السلام ) الذی یذکره التأریخ بأنه أعلم الناس فی عصره و قال الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) عنه : " أنا مدینة العلم و علی بابها فمن أراد المدینة فلیأتها من بابها " و قال عن إخلاصه فی یوم الخندق و بعد قتله بطل العدو المشرک عمرو ابن عبدود : " ضزبة علی یوم الخندق أفضل من عبادة الثقلین " و قال ( صلی الله علیه و آله ) عنه فی غزوة خیبر : لأعطین الرایة غدا رجلا یحب الله و رسوله و یحبه الله و رسوله یفتح الله بین یدیه ... " والآیات القرآنیة فی شأنه أکثر مما نذکرها فی هذا المقال و أیضا أقوال النبی فی شأنه کثیرة جدا قد جمعت کلها فی المصادر السنیة و الشیعیة ، فالناس فی کل العالم دأبهم فی جمیع شئونهم الرجوع الی من هو الذی لدیه الخبرة و التخصص فی تلک الشئون والشیعة قد فعلوا ذلک فی شأن دینهم و قد راجعوا الی أهله و حتی لو نفترض بأن علیا و أولاده لم یکونوا أئمة و حکاما من حیث السیاسة و علیّ ابن ابی طالب کان  الخلیفة الرابع حقیقة و لم یکن اماما بعد النبی ( علی رغم وجود الأدلة و الشواهد علی ذلک ) مع ذلک ألشیعة لم یکونوا علی الخطأ فی إقتدائهم إلی أهل البیت ( علیهم السلام ) لأنهم راجعوا الی عقولهم و الی المصادر الدینیة و عقولهم قضت علیهم بالرجوع الی الذین هم أعلم الناس و أفهمهم و أتقیهم فی الدین و الشریعة و السیاسة ، فالإنسان اذا أصیب بمرض مّا فیراجع الی الطبیب الحاذق و الأخصائی حتی لم یخطأ فی علاجه و لم یراجع إلی کل أحد لأن فقضیة العلاج قضیة هامّة و یتعلق بالجسم و السلامة و الإنسان یهتم بصحة نفسه و یحتاط فی أمر سلامته ، فکیف لم یراجع فی شأن دینه الی الأخصایین فی هذا المجال ؟ إن الخلیفة الثانی عمر ابن الخطاب کما یذکر المصادر السنیة قال عدة مرات : " لو لا علی لهلک عمر ! " و کان یستشیر علیا فی المسائل الغامضة دینیا و فقهیا و عسکریا و غیرها و الامام علی ابن ابی طالب کان یقول : " سلونی قبل أن تفقدونی " فالشیعة لا یجوز أن یلاموا بإتباعهم لعلی ابن ابی طالب و أولاده ( علیهم السلام ) و لا یعقل تسمیتهم بالرفض و قد سمّی الشیعی  بالرافضی فی عهد الحکام لأنهم أخذوا  بالحق و رفضوا الباطل و لا العکس ، إذن لم یطرح مذهب أهل البیت کمذهب اسلامی و هذا یرتبط إلی رأی الحکام الأمویین و العباسیین الذین دوّنت کتب الحدیث و الفقه فی عهودهم و الفقهاء و أصحاب الحدیث و أرباب التأریخ کانوا تحت رعایتهم و لم یتمکنوا بکتابة کل ما یریدون و یعتقدون فی کتبهم بل کتبوا فیها ما کان یرضی الخلفاء و الحکام و لا غیر ، و علی سبیل المثال إن الامام البخاری یحدّث عن بعض الخوارج و لم یحدث عن الامام جعفر ابن محمد الصادق (علیه السلام ) الذی کان أستاذا للامام مالک و الامام ابوحنیفة ! إن أهل البیت هم الذین أئتمنوا من قبل الرسول فی أمر دین الناس و دنیاهم ، فما ذنب الشیعة بعد ذلک فی إختیارهم أهل البیت کالأئمة ؟ و نعرف بأن أکثر بل جلّ الحکام و الخلفاء الأمویین و العباسیین لیسوا أناس متقین و ورعین و عالمین و متخصصین فی أمور الدین بل إما کانوا یتسلمون بالحکم عن طریق الوراثة و إما عن طریق الحرب و الإنقلاب العسکری علی الحاکم قبلهم فکیف یمکن أن یکونوا مراجع للناس فی شئونهم الدینیة و حتی الخلفاء الثلاث الراشدین یعنی أبوبکر ابن ابی قحافة و عمر ابن الخطاب و عثمان ابن عفان علی حسب إعتراف التأریخ و إعتراف أنفسهم ، هم لیسوا فقهاء و علماء و شجعان و کان فی عصرهم رجال من الصحابة أفضل منهم کعلی ابن ابی طالب و أبوذر الغفاری و سلمان الفارسی المحمدی و إبن عباس و غیرهم ، فإن فضائلهم لیست أکثر من هؤلاء إلا أنهم أصبحوا خلفاء  بعد رسول الله عن طریق السقیفة او الوصیة و النصب أو الشوری و نحن ما فهمنا بأن إنتخاب هؤلاء کالخلفاء کیف حوّلهم کأفضل الناس و أعلمهم و أورعهم حتی یجب علی المسلمین الرجوع الیهم کالمرجعیة الدینیة ؟ کما لم ینتخب الامام جعفر الصادق ( علیه السلام ) کالامام الفقیه کبعض تلامذته حتی یقلده الناس بل أنتخب الأربعة من الفقهاء فقط و لم ینتخب الامام الصادق الذی کان أفقه و أعلم منهم بإعتراف بعضهم ! فإن الشیعة راجعوا الی أهل البیت لأجل أفضلیتهم علی الآخرین فی جمیع الشئون و إذا کنا نعرف أناس أفضل منهم کنا نراجع الیهم و لکننا ما عرفنا أفضل منهم لحد الآن . إضافة الی ذلک نحن الشیعة نعتقد بالله و توحیده فی الصفات و الذات و الأفعال و العبادة و عدله تبارک و تعالی و نعتقد بالنبوة العامة و الخاصة و المعاد و یوم القیامة و الحشر و نصلی تجاه القبلة کعبة المشرفة و نصوم و نؤدی الزکوة و الخمس و نحج و نجاهد فی سبیل الله و ندافع عن الدین و نأمر بالمعروف و ننهی عن المنکر و نقوم بجمیع الوظائف الدینیة و الشرعیة و لکننا لا نعتقد بعدالة جمیع الصحابة لأن بعضهم کانوا من الأولیاء و بعضهم الآخرین کانوا أقل من ذلک و البعض الآخر کانوا فساق علی حسب الرجوع الی الکتاب و السنة و التاریخ إضافة الی ذلک نحن نحبّ أهل البیت و نبغض أعداء أهل البیت ( علیهم السلام ) و الذی یراجع الی الکتب و المصادر الشیعة فیعترف بإنطباق العقائد الشیعیة بالکتاب و السنة الصحیحة فهذا مصادر الشیعة فی العقائد و الفقه و التفسیر و الحدیث و الفلسفة و غیرها و الذی یرغب بالرجوع الیها فالیراجع الی المکتبات الالکترونیة التی أضفنا عناوینها فی موقعنا الشیعة نت و هی علی ما یلی ، نرجوا من الله تبارک و تعالی أن یوفقنا فی فهم الحق و نهتدی الیه بإذن الله . 

  www.shia12.com\ar\books.htm


من کلمات الامام الحسین ( علیه السلام )

قال الحسین ابن علی (علیه السلام ) : ألناس عبید الدنیا و الدین لعق علی ألسنتهم یحوطونه ما درّت معائشهم فإذا محصّوا بالبلاء قلّ الدیّانون

إنّنا نحن علی علم بأن الله تبارک و تعالی خلق السموات و الأرض و الملائکة و الجن و الإنس لطاعته و عبادته کما یفول فی القرآن : " وما خلقت الجن و الإنس الاّ لیعبدون"  و الدنیا کفرصة ذهبیة بید الجن و الإنس حتی یستغلوا عن دقائقها و لحظاتها فی طریق التقرب الی الله تبارک و تعالی و یجب علی الإنسان التأسّی بالأنبیاء و الأولیاء فی هذا المهم ، فإنهم عاهدوا الله منذ بدایة أعمارهم بأن یؤمنوا به إیمانا کاملا و راسخا فی قلوبهم و أرواحهم و بعد ذلک لم یفکروا فی الدنیا و ما آتاهم الله منها و هم ترکوا الدنیا لأهلها و إنقطعوا الی الله کمال الإنقطاع الیه و صرفوا أوقاتهم و فرصهم  فی هدایة الناس و رضا الله تعالی و هذه هی قصص الانبیاء و الأولیاء فی القرآن و السنة و التأریخ وما رأی التاریخ نبیا و لا رسولا و لا ولیا یقبل الی الدنیا و یهتمّ بحرث الدنیا یعنی المال و البنین ، لأنهم کانوا یعرفون ما فی الدنیا من عدم الوفاء و الخراب و عدم البقاء لملکها و مالها و أولادها  بل هم کانوا أشد الناس بلاء کما یقول الإمام الصادق (علیه السلام ) : " إن اشدّ الناس بلاء الإنبیاء ثم الذین یلونهم ثم الأمثل فالأمثل " و ورد فی حدیث عن امیرالمؤمنین علی ابن ابی طالب (علیه السلام ) فی نهج البلاغة : " مرارة الدنیا حلاوة الأخرة و حلاوة الدنیا مرارة الأخرة "

إن الدنیا لیست لها قیمة فی أعین الأنبیاء و الأولیاء حتی یفکّروا فیها کما ورد فی القرآن الکریم آیات تحذّرنا عن الدنیا و الإهتمام بها و وصفت الدنیا فی القرآن بمتاع قلیل و لهو و لعب و تفاخر و غیرها و یحثّ القرآن المؤمنین فی حرث الآخرة ،  هذا إضافة الی اقوال النبی و اهل بیته ( علیهم السلام ) ، فیقول النبی الأکرم ( صلی الله علیه و آله و سلم ) : " لو کانت الدنیا تعدل مثل جناح بعوضة ما أعطی کافرا و لا منافقا منها شیئا " ( تحف العقول /38)  والامام علی ابن ابی طالب ( علیه السلام ) یقول : " إن دنیاکم هذه لأهون فی عینی من عراق خنزیر فی ید مجذوم و أحقر من ورقة فی فم جراد ، ما لعلیّ و نعیم یفنی و لذة لا تبقی "  ( غررالحکم ج1 / 259)  فإن مثل هذه الکلمات من النبی و أهل بیته الطیبین ( علیهم السلام ) خاصة الامام علی ابن ابی طالب ( ع ) کثیرة جدا فإنه ( علیه السلام ) قد حذّر المسلمین  عن الإقبال الی دار الغرور فی کلماته التی جمعت فی نهج البلاغة و غرر الحکم و غیرهما من المصادر الحدیثیة و یقول أیضا فی نهج البلاغة : " الدنیا خلقت لغیرها و لم تخلق لنفسها " و ایضا " مثل الدنیا کمثل الحیة لیّن مسّها و السمّ الناقع فی جوفها یهوی الیها الغرّ الجاهل و یحذرها ذواللبّ العاقل " و ایضا " الناس أبناء الدنیا و لا یلام الرجل علی حبّ أمه "

کذلک نقل عن الإمام الحسین ابن علی (علیه السلام ) هذا الحدیث الذی نقلناه عنه فی بدایة هذا المقال و هو یشیر الی أهل زمانه الذین دعوه الی الکوفة و هم یعرفونه و یعرفون منزلته عند جده النبی الأکرم ( صلی الله علیه و آله و سلم ) مع ذلک ترکوه  و شارک بعضهم فی قتله یوم عاشورا ،  فالذین قاتلوه فی کربلا و قتلوا الحسین و أصحابه و إخوانه و إبناه علی الأکبر و علی الأصغر و والبعض الآخرین من عشیرته  و هم فی قلة فإنهم کانوا لا یؤمنون بالله و لا یثقون به و لا یتوکلون علیه ، فجیوش عبید الله ابن زیاد ابن ابیه بقیادة عمر ابن سعد ابن ابی وقاص هم کانوا من مصادیق کلام الامام  و هم کانوا عبید الدنیا و دینهم علی ألسنتهم و إیمانهم کان لأجل المعیشة و دخلوا کربلا و قتلوا الحسین و أصحابه لأجل دنیا أنفسهم أو دنیا غیرهم فهم شر الناس کما ورد فی حدیث عن النبی الأکرم (صلی الله علیه و آله ) : " شر الناس من باع آخرته بدنیاه و شره من باع آخرته بدنیا غیره " ( نهج الفصاحة /حکمة /1799 )  فأهل الکوفة شارکوا فی قتل الحسین ابن علی ( علیهما السلام ) و قد باعوا آخرتهم بدنیا عمر ابن سعد و عبید الله ابن زیاد و یزید ابن معاویة و غیرهم و لم ینال الدنیا ای واحد منهم و هؤلاء کلهم ألقوا أنفسهم الی التهلکة لخوفهم من الفقر أو طلبهم للفخر کما یقول الامام علی ابن ابی طالب ( علیه السلام ) : " أهلک الناس اثنان ، خوف الفقر و طلب الفخر " ( غرر الحکم ) و یقول ایضا : " إحذر الدنیا ، فإنها شبکة الشیطان و مفسدة الإیمان " ( غرر الحکم / ج1 / 143 ) و الامام جعفر الصادق ( علیه السلام ) یقول : " حب الدنیا رأس کل خطیئة "

علی أی حال إذا نرید النجاة عن الطوافن المدمرة الفکریة و الإجتماعیة فی البحر المتلاطم  و نبحث عن الطریق المطمئن للرجوع الیه فعلینا التمسک بالنبی و أهل بیته الطاهرین ( علیهم السلام ) و إذا کنا نتمسک بسیرة الأنبیاء و الأولیاء کاملا من قبل ، لیس حالنا کمثل هذا و لم نشاهد ما نشاهده حالیا  فی الکثیر من الدول الإسلامیة من المشاکل المعیشیة و الفقر و الفساد و عدم الإلتزام بالدین و الفرائض و کنا نحن المسلمون یدا واحدة و کان بإمکاننا رفع جمیع المشاکل خاصة الظلم و التبعیض و عدم العدالة الإجتماعیة و آنذاک یمکننا أن نسمی أنفسنا مسلمین و مؤمنین و أتباع دین الحنیف و الوقت لیس متأخرا و علینا أن نعود الی أنفسنا و هویتنا الأصیلة التی فقدناها و ألقینا أنفسنا فی البحار المواجة و لیس بأیدینا ما نتشبث به و ترکنا سفینة النجاة التی تتمثل فی أهل البیت کما یقول النبی الأکرم ( صلی الله علیه و آله و سلم ) فی حدیث السفینة التی نقله الحاکم فی مستدرکه و أوینا الی جبال لکی تعصمنا من الماء و لم تعصمنا منه و یجب الاستغلال عن الفرصة الباقیة بإذن الله سبحانه و تعالی . و هذا هو الامام الحسین ابن علی ( علیه السلام ) الذی علّمنا دروس الحریة و الجهاد و الدفاع عن الدین و علینا التدقیق فی نهضته و التمسک بسیرته و سیرة أبیه و جده ( علیهم السلام )  فی جمیع شئوننا و أیام عمرنا و نعرف بأن أعمارنا قصیرة جدا و سوف یأتینا أمر إلهی  ویجب علینا الإستعداد لسفرنا و الحصول علی الزاد قبل حلول آجالنا کما فی الحدیث .


یوم عاشورا یوم العید ام یوم المصیبة

 

یوم عاشورا یوم عزاء ام یوم العید و الفرح؟

ان الکثیر من اهل السنة و الجماعة یرون أن یوم عاشوراء من الأیام المبارکة و استناداً ببعض الروایات الواردة فی هذا الیوم یعتقدون بأن فی مثل هذا الیوم خلق الله الأرض و السماء والجن و الإنس و الملائکة واللوح و القلم و هذا یوم هبوط آدم الی الأرض و هبوط سفینة نوح علی الجودی ویوم نجاة بنی إسرائیل عن فرعون و الی ذلک و فی بعض المناطق و البلاد السنیة تقام مراسیم خاصة لهذا الیوم و بعضهم یصومون و أحیانا یعیّدون و یحتفلون و یبارکون هذا الیوم الی الآخرین  و لکن الشیعة یعتقدون بأن یوم عاشوراء یوم الحزن و الأسی و یوم مصیبة اهل البیت ( علیهم السلام ) و ذلک لمقتل الامام الحسین ابن علی ( علیهما السلام ) و اصحابه و عدد من عشیرته فی ارض کزبلا فی العراق عام ۶۱ من الهجرة و لکن السؤال هو ماذا هوالصحیح و الموافق للدین و الروایات ؟ و ماذا هوالصواب عقلیا و عرفیا ؟

و الجواب هو علی ما نستفید من الروایات الواردة عن الرسول و اهل بیته ( علیهم الصلوة و السلام ) هو أن الرسول (صلی الله علیه و آله ) قد بکی لمقتل حفیده الحسین وقتما کان طفلا و بعد ما أخبره جبرائیل بهذا الحادث و من جملة الروایات روایة نقلها الحاکم فی مستدرکه ج۳ /۱۷۶  و مضمونها آن أم الفضل بنت الحارث قالت  .... فدخلت یوما علی رسول الله  ( ص ) فوضعته (‌ الحسین ) فی حجره  ثم حانت منی التفاتة فإذاعینا رسول الله تهریقان من الدموع قالت فقلت یا نبی الله - بابی أنت و أمی - ما لک ؟ قال أتانی  جبرائیل فأخبرنی أن آمتی ستقتل إبنی هذا ...

و الروایات من هذا القبیل و حول مقتل الامام الحسین و موضع قتله نقلت فی مسند الامام أحمد ابن حنبل و  کنز العمال و ذخائر العقبی و الصواعق المحرقة و غیرها .

واما عقلیا و عرفا و نفسیا  إذا تلاقی یوم العید و یوم العزاء فی یوم واحد فالعزاء و المصیبة مقدم علی مناسبة العید و الفرح مثلما لا سمح الله توفی فی یوم عید الفطر او الأضحی واحد من أقربائنا من أولادنا أو والدینا ففی مثل هذا الیوم نترک العید و نقوم بالعزاء و الناس یأتینا للتعزیة و لا للتبریک و التهنئة .

هذا إضافة الی هذه الحقیقة بأن الروایات الواردة فی یوم عاشوراء عند أهل السنة موضوعة و مجعولة و قد وضعت من قبل بنی أمیة و بنی العباس و فی عهدهم و بأمرهم عداوة و یغضاً لأهل البیت ( علیهم السلام ) و ذلک لأن ینسوا الناس قضیة مقتل الإمام الحسین و اولاده و اصحابه  ولذلک وضعوا من هذا الیوم عیدا للناس لأن یشتغل الناس بالعید و لا یلتفتوا و لا یتذکروا بما جری علی آل النبی فی کربلا.

و فی الأخیر نعزی امام العصر و جمیع المسلمین خاصة اتباع مذهب اهل البیت  ذکری هذه المناسبة المؤلمة و نرجوا أن نکون من الصادقین فی إتباع اهل البیت و هدیهم .

   


عدم تحریف القرآن 2


کما ذکرنا سابقا إن الوهابیین کثیرا ما یتهمون الشیعة فی قضیة تحریف القرآن و قد یتأثر یعض إخواننا من السنة و الجماعة من کذبهم ضد الشیعة الامامیة حول تحریف القرآن‌ ؛ مع أن الباحثین قد عثروا علی بعض الأقوال و الروایات فی بعض المصادر السنیة تدل علی التحریف فی القرآن الکریم و من جملتها : الدر المنثور ، الاتقان ، البخاری، مجمع الزوائد ،صحیح مسلم ، المصاحف و ... و سوف نذکر البعض من أقوالهم و روایاتهم فی المستقبل و مع ذلک نحن الشیعة لا ننسب القول بتحریف القرآن الی أهل السنة و الجماعة لأننا نعرف بأن قول البعض القلیل من أهل السنة فی ذلک لا یساوی قول الجمیع فی هذالمجال و آرائهم لیس رأی کل الامة الاٍسلامیة .
:

وبالنسبة الی القول بتحریف القرآن عند الشیعة کما ذکرنا سابقا ان جل علماء الشیعة من القدماء و المعاصرین یقولون بعدم تحریف القرآن لا زیادة و لا نقصا و نحن ننقل کلمات و أسماء الکثیر منهم لیعرف خصوم الشیعة حقیقة الأمر فی هذه القضیة و هی کما یلی

إن عقیدة عدم تحریف القرآن عند الشیعة من المسلمات و البدیهیات حتی إدعی بعض علمائهم الإجماع علیها . فمولی ابوالقاسم الجیلانی ( متوفی ۱۲۳۱ الهجری ) و الإمام کاشف الغطاء ( متوفی ۱۳۷۳ الهجری ) یقولان بأن عقیدة عدم التحریف فی القرآن مجمع علیه عند الشیعة الإمامیة . ( البرهان ص ۱۱۲ و اصل الشیعة و اصولها ص ۱۱۳ .)

فهات أسماء و أقوال بعض علماء الشیعة الکبار الذین آرائهم تدل علی عقیدة الشیعة فی عدم تحریف القرآن و نحن لغرض عدم التطویل فی الکلام ننقل کلماتهم فی هذالمجال موجزا :

۱ - ابو جعفر محمد ابن علی ابن الحسین المعروف بـ : الشیخ الصدوق ( رحمه الله ) یقول : نحن نعتقد أن القرآن الذی نزل علی نبیه محمد ابن عبدالله (صلی الله علیه و آله ) هو نفس ما جمع بین الدفتین و یتواجد عند الناس . (اعتقادات الإمامیة المنضمة بباب حادی عشر ص۹۳ و ۹۴ )

۲- محمد ابن محمد ابن النعمان المعروف بالشیخ المفید : هذا العالم الکبیر کذلک یقول فی کتابه « اوائل المقالات ص ۵۴ - ۵۶ » و فی « رسالة فی أجوبة المسائل السرویة ص ۲۲۶ » یرفض تحریف القرآن الکریم زیادة و نقصا و یقول إن تحریفه تتنافی التحدی الموجود فی بعض سور القرآن و کذلک الروایات الصحیحة فی هذالمجال .

۳- أبوجعفر محمد ابن حسن ابن طوسی المعروف بـ : الشیخ الطائفة المتوفی فی ۴۶۰ الهجری ( الشیخ الطوسی ) :إن إحتمال الزیادة او النقص فی القرآن مرفوض عند المسلمین و لا دلیل علیه عندنا و الروایات الواردة فی التحریف عند الشیعة و السنة أخبار آحاد و لا تفید العلم و الأفضل الإعراض عنها و عدم الإعتناء الیها . ( التبیان ج۱ ص۳ )

۴ - إمین الإسلام الطبرسی المتوفی فی ۵۴۸ الهجری : یقول : عدم الزیادة فی القرآن مجمع علیه عند الجمیع و لکن فی النقص فالبعض من اصحابنا و من الحشویة نقلوا روایات تدل علی النقص فیه و لکن النظریة الصحیحة عند الشیعة مخالف لتلک العقیدة . ( مجمع البیان ج۱ ص۱۵ )

۵ - العلامة الحلی المتوفی فی ۷۲۶ یقول : الحق أن لا تغییر و لا تقدیم و لا تأخیر فی القرآن و ما نقص منه و ما زید علیه أبدا و نحن نستعیذ بالله من هذه العقیدة . ( أجوبة المسائل المنهائیة ص ۱۲۱ مسألة ۱۳ )

۶ - شیخ الفقهاء الشیخ جعفر کاشف الغطاء المتوفی ۱۲۲۸ یقول فی کشف الغطاء : ما زید فی القرآن ولو سورة أو آیة أو کلمة و لا حرفا و إن ما جمع بین الدفتین هذا هو القرآن و هو کلام الله تبارک و تعالی و کذلک لا شک عندنا بأن القرآن لا نقص فیه. ( کشف الغطاء کتاب الصلوة المبحث ۷ و ۸ ص ۲۹۸ و ۲۹۹ )

۷ - الفقیه المجاهد الشیخ محمد حسین کاشف الغطاء المتوفی فی ۱۳۷۳ یقول : إن القرآن الموجود نفس القرآن الذی أنزل الله تعالی علی نبیه (ص ) و لا تحریف فیه من الزیادة والنقص و یدل علیه اجماع الشیعة .( اصل الشیعة و اصولها ص۱۳۳ )

۸ - محمد ابن الحسین الحارثی العاملی المعروف بـ : الشیخ البهائی المتوفی فی ۹۵۳ الهجری یقول :العقیدة الصحیحة هی أن القرآن مصون من التحریف لا زیادة و لا نقصا . ( آلاء الرحمن ج۱ ص۲۶ )

۹ - محمد ابن حسن المشهور بـ : الفیض الکاشانی المتوفی فی ۱۰۹۰ الهجری یقول بعد نقل روایات التحریف : لو صحت الروایات فلا إعتماد علی القرآن و الحال یقول الله تبارک و تعالی : « و إنه لکتاب عزیز * لا یأتیه الباطل من بین یدیه و لا من خلفه » و یقول تعالی : « إنا نحن نزلنا الذکر و انا له لحافظون » (تفسیر الصافی ج۱ صص ۳۳ - ۳۴ )

۱۰ - المحدث الکبیر الشیخ حر العاملی المتوفی فی 1114 یقول : من تتبع فی الأخبار و التواریخ یتیقن بأن القرآن فی غایة التواتر لأن الآلاف من الصحابة قد حفظو القران و نقلوه و جمعوه فی عهد النبی ( صلی الله علیه و آله ) ( اظهار الحق ج۲ ص۲۰۸ ) .

و سوف ننقل اقوال البعض الآخرین من علماء الشیعة فی عدم التحریف فی القرآن إضافة الی قول الأثنین من علماء الشیعة الذان یقولان بالقول فی التحریف و لا یعتنی بأقوالهما عند الشیعة .


عدم تحریف القرآن


بسمه تعالی

من التهم التی ینسبونها الی الشیعة هی تهمة تحریف القرآن الکریم ،‏فإن أعداء الشیعة خاصة أتباع الفرق التکفیریة و المتطرفین و منهم الوهابیة یتهمون الشیعة بأن مصاحفهم غیر مصاحف سائر المسلمین و هی محرّفة بزیادة او نقص و علی رغم أن المصاحف المطبوعة من قبل المراکز الشیعیة و دور النشر منهم ،منتشرة فی أرجاء العالم الإسلامی  و کما لا یخفی أن مصاحفهم نفس المصاحف لأهل السنة و الجماعة و لا زیادة فیها و لا نقص ولو بکلمة أو حرف و هذا لا یختص بزماننا هذا بل تأریخ الشیعة والسنة شاهد علی عدم اختلاف مصاحفهم بمصاحف أهل السنة ولکن الوهابیة علما أو جهلا یهتفون شعار تحریف القرآن من قبل الشیعة و احیانا یدّعون بأن للشیعة مصاحف خاصة یحتفظونها فی بیوتهم و صنادیقهم و یتلونها خفاء و تقیة من غیرهم من السنة و الجماعة والتی من مصاحفهم تتواجد فی الأسواق و المساجد غیر مصاحفهم مما تتواجد فی بیوتهم ! إلاّ أن للشیعة أدلة و حجج لإعتقادهم فی عدم تحریف القرآن مما لا یمکن ردّها أو عدم قبولها و عقیدتهم فی القرآن کالشمس فی رابعة النهار و لا یعتقد علمائهم و لا مفسریهم من المتقدمین و المتأخرین بتحریف القرآن الاّ البعض القلیل من الأخباریین منهم و أقوال هؤلاء فی تحریف القرآن من الأقوال الشاذة و النادرة و والمرفوضة من قبل الآخرین و لا یعتنی بقولهم فی تحریف القرآن .

نحن نعلم إن بعض الذین یتهمون الشیعة بتحریف القرآن فی الحقیقة عندهم معلومات ناقصة عن الشیعة و لم یجالسو أتباع الشیعة و لم یبحثوا و لم یتححقوا فی مصادرهم و کتبهم  و إعتمدوا بأقوال خصومهم و حکموا علی الشیعة بالکفر و الردّة .

إن أمثال ابن تیمیة و تلمیذ مدرسته محمد ابن عبد الوهاب و غیرهما هم الذین نسبوا الی الشیعة الإمامیة ما لا یلیق بهم من العقائد غیر الصالحة و قاموا بتسمیة الشیعة  او أتباع أهل البیت ( علیهم السلام ) بالرافضة وکذالک سبهم و لعنهم و تشبیههم بالیهود و الکفار و أثارو الفتن الکبیرة و الخلافات الدامیة بین الشیعة و السنة الذین یتعایشون فی السلم و السلام من قبل .

نحن سوف نبحث فی هذه المذکرات عن هذا الإتهام و نأتی بأدلة قاطعة فی عدم تحریف القرآن الکریم والرد علی هذه التهمة الکبیرة بإذن الله تبارک و تعالی ، إضافة إلی أقوال بعض المصادر من اهل السنة و الجماعة فی القول بتحریف القرآن الکریم إن شاءالله


دراسة عدالـة الصحابة 4

                                                               بسمه تعالی

ذکرنا من قبل بأن أهل السنة و الجماعة یستدلون ببعض الآیات القرآنیة فی عدالة جمیع الصحابة و منها آیة/۱۸ من سورة الفتح و هی :‌ < ‌لقد رضی الله عن المؤمنین إذ یبایعونک تحت الشجرة فعلم ما فی قلوبهم فأنزل السکینة علیهم و أثابهم فتحا قریبا .>

فی هذه الآیة أثنی الله تعالی علی الصحابة الذین بایعوا رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) تحت الشجرة و هی بیعة الرضوان و و أعلن رضوانه عنهم و أنزل سکینته علی قلوبهم .

إن الآیة نزلت فی بیعة الرضوان و تختص بالمبایعین فقط و عددهم حسب المشهور من الروایات کان ألفا و أربعمائة و هی مخصصة بالذین آمنوا و لم یکن فی قلوبهم مرض ، و إستقاموا علی الایمان و لم ینحرفوا عن لوازم البیعة و لکن الخطیب البغدادی أدرج جمیع الصحابة فی هذه الآیة و تابعه إبن حجر العسقلانی ، ولهذا إدٌعوا عدالة جمیع الصحابة .

ولکن  هذا الإدعاء عند الشیعة غیر صحیح لأن رضوان الله مختصة بالمبایعین الذین لم یکن فی قلوبهم مرض و إستقاموا علی الایمان و غیرهم خارج عن ذلک، و لأن سبب البیعة هو وصول الخبر بمقتل عثمان من قبل المشرکین بعد أن أرسله رسول الله (ص )مبعوثا عنه إلی قریش ، و هؤلاء المشرکون هم الذین أسلموا فیما بعد و أصبحوا من الصحابة ، فکیف یشملهم رضوان الله و سکینته و هم السبب الأساسی فی الدعوة الی البیعة‌؟ فکیف یعقل أن یکون رضوان الله شاملا للمبایعین و للمراد قتالهم فی آن واحد ؟!

إضافة الی ذلک فإن الأجر المترتب علی الآیة موقوف علی الوفاء بالعهد کما قال الله تعالی فی الآیة الکریمة < إن الذین یبایعونک إنما یبایعون الله یدالله فوق أیدیهم فمن نکث فإنما نکث علی نفسه و من أوفی بما عاهد علیه الله فسیؤتیه أجرا عظیما > (سورة الفتح آیة ۱۰ )

و کل ذلک مشروط بحسن العاقبة  ، کما ورد فی روایة البراء بن عازب حینما قیل له ( طوبی لک صحبت النبی (ص ) و بایعته تحت الشجرة ) فقال للقائل : ( ... إنک لا تدری ما أحدثنا بعده ) < صحیح البخاری ج ۵ / > و التأریخ خیر دلیل علی ذلک و لم تمض علی البیعة إلا أیام معدودة حتی عقد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم ) معاهدة صلح الحدیبیة ، فدخل الشک و الریب قلوب بعض الصحابة حتی خالفوا أوامر رسول الله (ص ) ،‌ فلم یستجیبوا له حینما أمرهم بالحلق و النحر إلا بعد التکرار و قیامه بنفسه بالحلق و النحر .( تأریح الیعقوبی ج۲ : ۵۵ و الکامل فی التاریخ ج۲ : ۲۰۵ )

و هذا یدل علی أن لحسن العاقبة دورا کبیرا فی الحکم علی البعض بالعدالة و عدمها و لا دلیل لشموله لجمیع المراحل التی تعقب مرحلة البیعة ، فمثلا أن قاتل عمار بن یاسر فی صفین کان من المبایعین تحت الشجرة کما ذکر فی کتاب ‌: الفصل فی الأهواء والملل و النحل ج۴ ص ۱۶۱ ، و قد قال رسول الله ( ص ) : <قاتله و سالبه فی النار > کما نقل الحدیث فی : الطبقات الکبری ج۳ ص ۲۶۱ و أسد الغابة ج۴ ص ۴۷ و کنز العمال ج ۱۳ ص ۵۳۱ و غیر ها.

و ایضا قال رسول الله (ص )  : < ویح عمار تقتله الفئة الباغیة ، عمار یدعوهم الی الله ، و یدعونه الی النار > ( صحیح البخاری ج۴ ص ۲۵ و العقد الفرید ج۵ ص ۹۰ و الکامل فی التاریخ ج۳ ص ۳۱۰ . >

إن رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) قال : < لا ترجعوا بعدی کفارا یضرب یعضکم رقاب بعض > ( مسند احمد ج۶ ص۱۹ و صحیح البخاری ج۱ ص ۳۹ و صحیح مسلم ج ۱ ص ۸۲ . )

فقد قتل عبدالرحمن بن عدیس البلوی عثمان بن عفان و عبدالرحمن هو من الذین بایعوا بیعة الرضوان ( تأریخ المدینة المنورة ج۴ ص ۱۵۵ ) و کذلک شارک فی قتل عثمان عدد من الصحابة و التابعین و منهم محمد بن أبی بکر بن ابی قحافة .

و قد قاتل معاویة بن ابی سفیان علیا فی حرب الصفین و قتل فی تلک المعرکة عدد من خیار الصحابة و من المهاجرین الأوائل کعمار بن یاسر و خزیمة بن ثابت ذی الشهادتین .  و کذالک قتل معاویة الصحابی الجلیل حجـربن عدی و قـد قــال رســـول الله بحقه و حق من قتـــل معه < یقتل بمرج عذراء نفر یغضب لهم أهل السماوات > (تاریخ الیعقوبی ج۲ ص ۲۳۱ .)

و إذا برر البعض ما فعله معاویة بأنه کان مجتهدا فلا إجتهاد لبسر بن أرطاة حینما قتل طفلین لعبیدالله بن العباس بن عبد المطلب و ذلک بالیمن ! ( الکامل فی التاریخ ج ۳ ص ۳۸۴ )

علی أیة حال إذا تتبعنا سیرة بعض الصحابة نجدهم قد قاموا بسب البعض الآخرین و لعنهم و القتال بعضهم مع بعض آخر و إستحلال قتل من تقدمهم بالإیمان و الهجرة ! فکیف تشمل الآیة جمیع الصحابة ؟ و کیف یمکن القول بأن عمار بن یاسر  الشهید فی الصفین له أجران و هو فی الجنة و قاتله له أجر واحد و هو من أهل الجنة ؟ و کیف یقال أن معاویة من أهل الجنة و من معه علی الحق و علی بن ابی طالب ( علیه السلام ) و من معه أیضا علی الحق و هم من أهل الجنة ؟  فما هو الفرق بین أصحاب معاویة و بین الخوارج و ما الفرق بینهم و بین أصحاب الجمل ؟ و ما الفرق بین جمیعهم و بین المؤمنین المخلصین من الصحابة و أهل البیت ( رضوان الله علیهم ) ؟  هل الجمیع من أهل الجنة و الرضوان من الله تعالی ؟ ام هل اللاعن و الملعون و القاتل و المقتول و الظالم و المظلوم کلهم فی الجنة ؟ هل العقل و النقل یوافقان علی هذه الفکرة الجامدة ؟  کلا و لا والله ‌... أفمن کان مؤمنا کمن کان فاسقا لا یستوون .   ام هل نزلت آیة النبأ فی من ؟ یا ایها الذین آمنوا ان جائکم فاسق بنبا، فتبینوا ...

ونحن ندعوا إخواننا من الواعین و المثقفین من أهل السنة و الجماعة أن یحققوا و یبحثوا فی السنة و التأریخ و لا یثقوا بأقوال بعض علمائهم فیما یقولونه تقیة من الحکام و لأجل الحفاظ علی مناصبهم و معیشتهم !