سفارش تبلیغ
صبا ویژن

الشیعة و التهم

من هو المهدی الموعود؟ (1)

بسم الله الرحمن الرحیم


الحمد لله رب العالمین ، الرحمن الرحیم ، ملک یوم الدین ، وصلى الله على سید المرسلین محمد وآله الطاهرین ؛ أئمةً ومهدیین . اللهم إنّا نرغب إلیک فی دولة کریمة تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فیها من الدعاة الى طاعتک ، والقادة الى سبیلک ، وترزقنا بها کرامة الدنیا والآخرة .
خًلق الإنسان لغایة سامیة تتمثل بمعرفة الله
سبحانه ، قال تعالى : (( و ما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون )) ، أی لیعرفون کما ورد عن أهل البیت (ع) ، فما لم تقترن العبادة بمعرفة حقیقیة لا تکون عبادة حقیقیة ، ولأجل تحقیق هذه الغایة الشریفة نصب الله قادة و أدلاء یرشدون الناس الى الطریق القویم الذی به بلوغ الغایة ، وأنزل معهم الکتاب والمیزان لیقوم الناس بالقسط ، ویحیى من حیّ عن بیّنة ویهلک من هلک عن بیّنة .
وکان من ألطافه وحکمته جل وعلا أن وضع للناس
قانوناً یعرفون به حجة الله على الخلق ، ویمیزونه عن الطواغیت المدعین زوراً وبهتاناً ، والقانون المشار إلیه یتشکل من ثلاث حلقات ؛ أولها النص الإلهی أو الوصیة ، وثانیها العلم والحکمة ، وثالثها الدعوة الى حاکمیة الله عز وجل ، أو رایة البیعة لله . ولعله غنی عن البیان أن هذه العناصر الثلاثة لا تجتمع فی غیر صاحبها أبداً .
إن دعوة الحق
– کما یشهد تأریخ الدعوات السماویة – لا یمکن أن تکون وحدها فی الساحة فلابد من وجود دعوات باطلة ضالة تعارضها ، وهکذا منذ الیوم الذی أوصى فیه آدم (ع) الى خلیفته ووصیه هابیل (ع) کان قابیل یقود لواء المعارضة ویدعی لنفسه ما لیس لها . وحیث أنه لا عذر أبداً لمن یترک إتباع ولی الله وحجته على خلقه ، بل إن مصیره الى جنهم وبئس المصیر ، ولن ینفعه قوله : إنی وجدت الساحة ملیئة بالمدعین وتعذر علیّ تمییز المحق من المبطل ، أقول لکل ذلک لابد – بمقتضى الحکمة الإلهیة – من وجود قانون إلهی یَعرف به الناس خلیفة الله فی أرضه ، ولابد أن یکون هذا القانون قد وضع منذ الیوم الأول الذی جعل فیه الله سبحانه خلیفة له فی أرضه . وإلیکم هذا المثل فاستمعوا له ( لو إن إنساناً یملک مصنعاً أو مزرعة أو سفینة ، أو أی شئ فیه عمال یعملون له فیه فلابد أن یعیّن لهم شخصاً منهم یرأسهم ، ولابد أن ینص علیه بالإسم ( النص ) وإلا ستعم الفوضى ، کما لابد أن یکون هذا الشخص أعلمهم وأفضلهم ( العلم ) ، ولابد أن یأمرهم بطاعته ( الحاکمیة ) لیحقق ما یرجو وإلا فإن قصّر هذا الإنسان فی أیّ من هذه الأمور الثلاثة فسیجانب الحکمة الى السفه ، فکیف یُجَوّز الناس على الله ترک أیّ من هذه الأمور الثلاثة وهو الحکیم المطلق ) ؟
وسأحاول فیما یلی من صفحات هذا الکتاب بسط الحدیث فی کل حلقة من هذه الحلقات
الثلاث بما یتیسر راجیاً من الله تعالى العون والتسدید ، إنه نعم المولى ونعم النصیر . ولکن قبل الدخول فی مباحث هذا الکتاب أود التنویه الى أن هذا البحث یستهدف مخاطبة کل المؤمنین بالأدیان السماویة ، ویتحدد فی هذا الصدد بالعقیدة التی تجمع مؤمنی هذه الدیانات وهی الإیمان بوجود مهدی أو منقذ للبشریة تمتلئ الأرض على یدیه عدلاً بعد أن ملأها الطواغیت ظلماً وجوراً ، ومن هنا کانت العودة – بالقدر المتیسر – الى مصادر الدیانات الثلاثة ؛ الإسلامیة ( بشقیها الشیعی والسنی ) والیهودیة والمسیحیة أمراً تقتضیه غایة البحث . ولا أرید إدعاء شیئاً أکثر من إنی قد حرصت على عدم التفریط بالإطار التصوری العام المتعلق بمسألة المنقذ کما یراها کل طرف من هذه الأطراف ، غاضاً النظر عن التفاصیل التی تشکل مادة الإختلاف ، إذ لا یخفى أن اختلاف هذه الأطراف فی بعض حیثیات نفس الفکرة ، واختلافها کذلک بالإطار الأشمل دینیاً ، کان کما هو الحال فی الدیانات الثلاثة ، أو مذهبیاً کما فی حالة السنة والشیعة ، أقول لا یخفى أن هذا الإختلاف سیجد طریقه السالکة الى الحل فیما لو آمنا بأن الوصول الى نتیجة واضحة وحاسمة فی ما یتعلق بالکیفیة التی نحدد بها منقذ البشریة سیترتب علیه حتماً بلوغ الحل بالنسبة لجمیع المشکلات الأخرى . فحیث أن المنقذ یمثل کلمة سواء تجمع کل الأطراف ، وحیث أن اللحظة التی یحضر فیها المنقذ بیننا تمثل لحظة الحقیقة التی ینکشف فیها الدین الإلهی الصحیح ، وتتحدد إرادة الله سبحانه فی خلقه من خلال المنقذ نفسه ، فإن الإتفاق على الطریق الصحیحة الموصلة إلیه یمثل بالنتیجة حلاً لکل المشکلات دون استثناء ، لأنه بالوصول إلیه نکون قد وصلنا لکل ما نصبوا إلیه .
علینا إذن أن نضع
جانباً تلک التعصبات والمهاترات التی حفل بها تأریخ العلاقة بیننا ، ونرکز جهودنا هذه المرة على السبیل الموصل لحل جمیع خلافاتنا ، فلیس من طلب الحق فأخطأه کمن طلب الباطل فأصابه .
وبطبیعة
الحال أنا لا أتحدث هنا حدیثاً نظریاً ، أو حدیثاً طوباویاً ، فأنا فی الواقع أضع نصب عینیّ الدعوة المبارکة التی رفع لواءها السید أحمد الحسن المرسل من الإمام المهدی ومن عیسى ومن إیلیا ( علیهم السلام ) ، أی إننی أحمل الى الناس البشرى بحضور المنقذ بیننا ، وأتمنى علیهم فقط أن ینظروا بعین الإنصاف الى الدلیل الذی یحمله السید أحمد الحسن لیتبینوا صدق دعوته . ومن أراد مزید إطلاع على الدعوة المبارکة علیه الرجوع الى موقع أنصار الإمام المهدی على شبکة الإنترنیت .
والحمد لله الذی هدانا
لهذا وما کنا لنهتدی لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق . ربی توفنی مسلّماً وألحقنی بالصالحین ؛ محمد وآله الطاهرین . ( والحمد لله الذی خلقنی فهو یهدینی ربی ألحقنی بالصالحین ولا تُخزنی یوم یبعثون یوم لا ینفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سلیم . ربی وتقبل منی هذا العمل القلیل وارض قلب صاحب الزمان عنی ..مولای یا صاحب الزمان ، یا حجة الله فی أرضه یا بقیة الأنبیاء والأوصیاء أیها المظلوم المغصوب الحق یا أیها العزیز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاه فأوف لنا الکیل وتصدق علینا أن الله یجزی المتصدقین … )

والحمد لله وحده وحده وحده

 

بین یدی البحث

المهدی کلمة سواء
تمثل عقیدة المهدی أو المنقذ أو المعزی عقیدة
جوهریة بالنسبة لجمیع الدیانات السماویة ، بل إن المسألة تتعدى الدیانات السماویة الى العقائد البشریة الوضعیة ، الأمر الذی یشیر الى فطریة هذه العقیدة ، ویشیر کذلک الى أن الجهود التی بذلها آلاف الأنبیاء قد أثمرت هذه العقیدة الراسخة فی النفوس ، فما من قریة إلا خلا فیها نذیر ، وما من نبی إلا بشر قومه وأنذرهم بیوم قیامة القائم الذی یطهر الأرض من رجس الطواغیت ویملؤها عدلاً وقسطاً .
(( إن فکرة ظهور المنقذ
العظیم الذی سینشر العدل والرخاء بظهوره فی آخر الزمان ، ویقضی على الظلم والاضطهاد فی أرجاء العالم ، ویحقق العدل والمساواة فی دولته الکریمة ، فکرة آمن بها أهل الأدیان الثلاثة ، واعتنقتها معظم الشعوب . فقد آمن الیهود بها ، کما آمن النصارى بعودة عیسى علیه السلام ، وصدق بها الزرادشتیون بانتظارهم عودة بهرام شاه ، واعتنقها مسیحیو الأحباش بترقبهم عودة ملکهم تیودور کمهدی فی آخر الزمان ، وکذلک الهنود الذین اعتقدوا بعودة فیشنو ، ومثلهم المجوس إزاء ما یعتقدونه من حیاة أوشیدر . وهکذا نجد البوذیین ینتظرون ظهور بوذا ، کما ینتظر الأسبان ملکهم روذریق ، والمغول قائدهم جنگیز خان . وقد وُجد هذا المعتقد عند قدامى المصریین ، کما وُجد فی القدیم من کتب الصینیین . وإلى جانب هذا نجد التصریح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأن العالم فی انتظار المصلح العظیم الذی سیأخذ بزمام الأمور ویوحد الجمیع تحت رایة واحدة وشعار واحد ؛ ومنهم : الفیلسوف الانجلیزی الشهیر برتراند راسل ، الذی قال : ( إن العالم فی انتظار مصلح یوحد العالم تحت عَلَم واحد وشعار واحد ) . ومنهم العلامة آینشتاین صاحب ( النظریة النسبیة ) ، القائل : ( إن الیوم الذی یسود العالم کله الصلح والصفاء ، ویکون الناس فیه متحابین متآخین ، لیس ببعید ) . والأکثر من هذا کله هو ما جاء به الفیلسوف الانکلیزی الشهیر برناردشو حیث بشر بمجئ المصلح فی کتابه ( الإنسان والسوبرمان ) . وفی ذلک یقول الأستاذ الکبیر عباس محمود العقاد فی کتابه ( برناردشو ) معلقا : یُلوّح لنا أن سوبرمان شو لیس بالمستحیل ، وأن دعوته إلیه لا تخلو من حقیقة ثابتة )) [ المهدیة فی الإسلام / سعد محمد حسن : 43 - 44 ، والإمامة وقائم القیامة الدکتور مصطفى غالب : 270 . المهدی الموعود ودفع الشبهات عنه السید عبد الرضا الشهرستانی : 6 و 7 . برناردشو عباس محمود العقاد : 124 – 125 ] .
وقد وردت فی کتب
الدیانات نصوص کثیرة فی هذا الصدد ، منها ما جاء فی (سفر أشعیا) : (( ستخرج من القدس بقیة من " جبل صهیون " . غیرة رب الجنود ستصنع هذا )) . وورد التأکید على هذا المعنى فی " سفر زکریا " : (( ابتهجی کثیرا یا بنت صهیون . هو ذا ملکک سیأتی إلیک )) . وفی السفر نفسه وغیره نجد إشارات صریحة بظهور المنقذ وکیفیة حکمه وارتباطه بالله تعالى ، وفیما یلی نموذج لهذه الإشارات من ( سفر أشعیا ) : (( ویحل علیه روح الرب وروح الحکمة والفهم ، وروح المشورة والقوة ، وروح المعرفة ومخافة الرب . - ولذته فی مخافة الرب ، ولا یقضی بحسب مرأى عینیه ، ولا بحسب مسمع أذنیه . - ویحکم بالإنصاف لبائسی الأرض ویضرب الأرض بقضیب فمه ، ویمیت المنافق بنفخة شفتیه . - ویسکن الذئب والخروف ، ویربض النمر مع الجدی ، والعجل والشبل معا ، وصبی صغیر یسوقها . - ویلعب الرضیع على سرب الصل ، ویمد الفطیم یده على جحر الأفعوان . - لا یسیئون ولا یفسدون فی کل جبل قدسی . لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب کما تغطی المیاه البحر )) . وأما فی الفقرة ( 10 ) فقد جاءت الإشارة إلى الإمام ( علیه السلام ) بأحد ألقابه وهو " القائم " ، (( وفی ذلک الیوم سیرفع " القائم " رایة للشعوب والأمم التی تطلبه وتنتظره ویکون محله مجدا )) و جاء فی ( سفر أرمیا ) : (( اصعدی أیتها الخیل وهیجی المرکبات ، ولتخرج الأبطال : کوش وقوط القابضان المجن ، واللودیون القابضون القوس ، فهذا الیوم للسید رب الجنود ، یوم نقمة للانتقام من مبغضیه ، فیأکل السیف ویشبع . . . لأن للسید رب الجنود ذبیحة فی أرض الشمال عند نهر الفرات )) .
أما بالنسبة
للمسیحیة فقد جاء فی " سفر یوحنا " : (( ثم رأیت ملاکا طائرا فی وسط السماء . معه بشارة أبدیة لیبشر الساکنین على الأرض . وکل أمة وقبیلة ولسان وشعب . منادیا بصوت عظیم : خافوا الله وأعطوه مجدا . لأنه قد جاءت ساعة حکمه . واسجدوا لصانع السماء والأرض والبحر وینابیع المیاه )) . أقول : فی هذا النص إشارة واضحة للصیحة أو النداء التی نصت علیه أحادیث کثیرة فی مصادر المسلمین .
وبالنسبة للمصادر الإسلامیة ، جاء فی صحیح مسلم
4/2230 : (( عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله علیه وآله یقول: لا یذهب اللیل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ! فقلت یا رسول الله إن کنت لأظن حین أنزل الله : هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، أن ذلک تاماً ! قال: إنه سیکون من ذلک ما شاء الله ، ثم یبعث الله ریحاً طیبة فتوفی کل من فی قلبه مثقال حبة من خردل من إیمان ، فیبقى من لا خیر فیه فیرجعون إلى دین آبائهم ). ونحوه فی/2231 ، والحاکم :4/446 ، بتفاوت یسیر وصححه على شرط مسلم . ومصابیح البغوی:3/519 ، وجامع الأصول:11/84 ، عن روایة مسلم الأولى. وعبد الرزاق:11/381 ، وروى مسلم بعضه عن أبی هریرة:1/109.
وفی تفسیر
الطبری:10/82 ، عن أبی هریرة فی قوله: لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ، قال: حین خروج عیسى بن مریم ، والبیهقی :9/180 ، عن جابر بن عبد الله ، ومثله الدر المنثور:3/241 ، وقال : وأخرج عبد بن حمید ، وأبو الشیخ ، عن أبی هریرة عن مجاهد فی قوله : لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، قال : إذا نزل عیسى بن مریم لم یکن فی الأرض إلا الإسلام .
وفی بیان الشافعی/528 ، عن سعید بن جبیر فی تفسیر
قوله عز وجل: لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ، قال : هو المهدی من عترة فاطمة ، وقال : وأما من قال إنه عیسى علیه السلام فلا تنافی بین القولین إذ هو مساعد للإمام . وعنه نور الأبصار/186، وکشف الغمة:3/280 . وفی تفسیر الرازی:16/40: روی عن أبی هریرة أنه قال: هذا وعد من الله بأنه تعالى یجعل الإسلام عالیاً على جمیع الأدیان ثم قال الراوی: وتمام هذا إنما یحصل عند خروج عیسى ، وقال السدی: ذلک عند خروج المهدی لا یبقى أحد إلا دخل فی الإسلام أو أدى الخراج) . [ نقلاً عن المعجم الموضوعی لأحادیث الإمام المهدی ] .
(( والمسلمون على
اختلاف مذاهبهم وفرقهم یعتقدون بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان وعلى طبق ما بشر به النبی صلى الله علیه وآله وسلم ، ولا یختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، ولا فرقة دون أخرى . وما أکثر المصرحین من علماء أهل السنة ابتداء من القرن الثالث الهجری وإلى الیوم بأن فکرة الظهور محل اتفاقهم ، بل ومن عقیدتهم أجمع ، الأکثر من هذا إفتاء الفقهاء منهم : بوجوب قتل من أنکر ظهور المهدی ، وبعضهم قال : بوجوب تأدیبه بالضرب الموجع والإهانة حتى یعود إلى الحق والصواب على رغم أنفه ، على حد تعبیرهم . ولهذا قال ابن خلدون معبرا عن عقیدة المسلمین بظهور المهدی : اعلم أن المشهور بین الکافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار : أنه لا بد فی آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البیت ، یؤید الدین ، ویظهر العدل ، ویتبعه المسلمون ، ویستولی على الممالک الإسلامیة ، ویسمى المهدی ( تاریخ ابن خلدون 1 : 555 الفصل 52 ) وقد وافقه على ذلک الأستاذ أحمد أمین الأزهری المصری - على الرغم مما عرف عنهما من تطرف إزاء هذه العقیدة - فقال معبرا عن رأی أهل السنة بها : فأما أهل السنة فقد آمنوا بها أیضا (رسالة المهدی والمهدویة/ أحمد أمین : 41 ) ، ثم ذکر نص ما ذکره ابن خلدون ( المهدی والمهدویة : 110 ) . ثم قال : وقد أحصى ابن حجر الأحادیث المرویة فی المهدی فوجدها نحو الخمسین (المهدی والمهدویة / 48 ) . ثم ذکر ما قرأه من کتب أهل السنة حول المهدی فقال : قرأت للأستاذ أحمد بن محمد بن الصدیق فی الرد على ابن خلدون [ رسالة ] سماها : ( إبراز الوهم المکنون من کلام ابن خلدون ) ، وقد فند کلام ابن خلدون فی طعنه على الأحادیث الواردة فی المهدی وأثبت صحة الأحادیث ، وقال : إنها بلغت التواتر ( المهدی والمهدویة : 106 ) . وقال فی موضع آخر : قرأت رسالة أخرى فی هذا الموضوع عنوانها : الإذاعة لما کان وما یکون بین یدی الساعة لأبی الطیب بن أبی أحمد بن أبی الحسن الحسنی (المهدی والمهدویة :109) . وقال أیضا : قد کتب الإمام الشوکانی کتابا فی صحة ذلک سماه : التوضیح فی تواتر ما جاء فی المنتظر والدجال والمسیح (المهدی والمهدویة /110). إذن لا فرق بین الشیعة وأهل السنة من حیث الإیمان بظهور المنقذ ما دام أهل السنة قد وجدوا فی ذلک خمسین حدیثا من طرقهم ، وعدوا ظهور المهدی من أشراط الساعة ، وأثبتوا بطلان کلام ابن خلدون فی تضعیفه لبعض الأحادیث الواردة فی ذلک ، وأنهم ألفوا فی الرد أو القول بالتواتر کتبا ورسائل ، بل لا فرق بین جمیع المسلمین وبین غیرهم من أهل الأدیان والشعوب الأخرى من حیث الإیمان بأصل الفکرة وإن اختلفوا فی مصداقها ، فإذا أضفنا إلى ذلک اتفاق المذاهب الإسلامیة جمیعا على صحة الاعتقاد بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان وأنه من أهل البیت علیهم السلام عُلم أن اتفاقهم هذا لا بد وأن یکون معبرا عن إجماع هذه الأمة التی لا تجتمع على ضلالة على ما هو مقرر فی محله )) . [ المهدی المنتظر فی الفکر الاسلامی - مرکز الرسالة ] .
(( ولا یبعد
القول بأنه ما من محدث من محدثی الإسلام إلا وقد أخرج بعض الأحادیث المبشرة بظهور الإمام المهدی فی آخر الزمان ، وقد أفردوا کتبا کثیرة فی الإمام المهدی خاصة ( أوصلها الأستاذ علی محمد علی دخیل فی کتابه : الإمام المهدی علیه السلام / ص 259 - 265 إلى ثلاثین کتابا من کتب أهل السنة فی الإمام المهدی خاصة ، بینما أوصلها العلامة ذبیح الله المحلاتی إلى أربعین کتابا وقد أدرجها بأسمائها وأسماء مؤلفیها فی کتاب : مهدی أهل البیت ص 18 - 21 . وفی نفس الکتاب المذکور ذکر قائمة أخرى للکتب المؤلفة من قبل الشیعة فی الإمام المهدی علیه السلام فأوصلها إلى مئة وعشرة کتب ، وهناک کتب کثیرة فی المهدی لم تدرج فی هذین الکتابین ) . وأما عن العلماء والمحدثین الذین أخرجوا أحادیث المهدی أو أوردوها عمن تقدم علیهم على سبیل الاحتجاج بها - حسبما وقفنا علیه فی کتبهم - فهم : ابن سعد صاحب الطبقات الکبرى ( ت 230 ه‍ ) ، وابن أبی شیبة ( ت 235 ه‍ ) ، وأحمد بن حنبل ( ت 241 ه‍ ) ، والبخاری ( ت 256 ه‍ ) الذی ذکر المهدی بالوصف دون الاسم ، ومثله فعل مسلم ( ت 261 ه‍ ) فی صحیحه ، وأبو بکر الإسکافی ( ت 620 ه‍ ) ، وابن ماجة ( ت 273 ه‍ ) ، وأبو داود ( ت 275 ه‍ ) ، وابن قتیبة الدینوری ( ت 276 ه‍ ) ، والترمذی ( ت 279 ه‍ ) ، والبزار ( ت 292 ه‍ ) ، وأبو یعلى الموصلی ( ت 307 ه‍ ) ، والطبری ( ت 310 ه‍ ) ، والعقیلی ( ت 322 ه‍ ) ، ونعیم بن حماد ( ت 328 ه‍ ) ، وشیخ الحنابلة فی وقته البربهاری ( ت 329 ه‍ ) فی کتابه ( شرح السنة ) ، وابن حبان البستی ( ت 354 ه‍ ) ، والمقدسی ( ت 355 ه‍ ) والطبرانی ( ت 360 ه‍ ) ، وأبو الحسن الآبری ( ت 363 ه‍ ) ، والدارقطنی ( ت 385 ه‍ ) ، والخطابی ( ت 388 ه‍ ) ، والحاکم النیسابوری ( ت 405 ه‍ ) ، وأبو نعیم الإصبهانی ( ت 430 ه‍ ) ، وأبو عمرو الدانی ( ت 444 ه‍ ) ، والبیهقی ( ت 458 ه‍ ) ، والخطیب البغدادی ( ت 463 ه‍ ) ، وابن عبد البر المالکی ( ت 463 ه‍ ) ، والدیلمی ( ت 509 ه‍ ) ، والبغوی ( ت 510 أو 516 ه‍ ) ، والقاضی عیاض ( ت 544 ه‍ ) ، والخوارزمی الحنفی ( ت 568 ه‍ ) ، وابن عساکر ( ت 571 ه‍ ) ، وابن الجوزی ( ت 597 ه‍ ) ، وابن الأثیر الجزری ( ت 606 ه‍ ) ، وابن العربی ( ت 638 ه‍ ) ، ومحمد بن طلحة الشافعی ( ت 652 ه‍ ) ، والعلامة سبط ابن الجوزی ( ت 654 ه‍ ) ، وابن أبی الحدید المعتزلی الحنفی ( ت 655 ه‍ ) ، والمنذری ( ت 656 ه‍ ) ، والکنجی الشافعی ( ت 658 ه‍ ) ، والقرطبی المالکی ( ت 671 ه‍ ) ، وابن خلکان ( ت 681 ه‍ ) ، ومحب الدین الطبری ( ت 694 ه‍ ) ، والعلامة ابن منظور ( ت 711 ه‍ ) ، ( فی مادة هدی من لسان العرب ) ، وابن تیمیة ( ت 728 ه‍ ) ، والجوینی الشافعی ( ت 730 ه‍ ) ، وعلاء الدین بن بلبان ( ت 739 ه‍ ) ، وولی الدین التبریزی ( ت بعد سنة 741 ه‍ ) ، والمزی ( ت 739 ه‍ ) ، والذهبی ( ت 748 ه‍ ) ، وابن الوردی ( ت 749 ه‍ ) ، والزرندی الحنفی ( ت 750 ه‍ ) ، وابن قیم الجوزیة ( ت 751 ه‍ ) ، وابن کثیر ( ت 774 ه‍ ) ، وسعد الدین التفتازانی ( ت 793 ه‍ ) ، ونور الدین الهیثمی ( ت 807 ه‍ ) ، وابن خلدون المغربی ( ت 808 ه‍ ) الذی صحح أربعة أحادیث من أحادیث المهدی ، والشیخ محمد الجزری الدمشقی الشافعی ( ت 833 ه‍ ) ، وأبو بکر البوصیری ( ت 840 ه‍ ) ، وابن حجر العسقلانی ( ت 852 ه‍ ) ، والسخاوی ( ت 902 ه‍ ) ، والسیوطی ( ت 911 ه‍ ) ، والشعرانی ( ت 973 ه‍ ) ، وابن حجر الهیتمی ( ت 974 ه‍ ) ، والمتقی الهندی ( ت 975 ه‍ ) إلى غیر ذلک من المتأخرین کالشیخ مرعی الحنبلی ( ت 1033 ه‍ ) ، ومحمد رسول البرزنجی ( ت 1103 ه‍ ) ، والزرقانی ( ت 1122 ه‍ ) ، ومحمد بن قاسم الفقیه المالکی ( ت 1182 ه‍ ) ، وأبی العلاء العراقی المغربی ( ت 1183 ه‍ ) ، والسفارینی الحنبلی ( ت 1188 ه‍ ) ، والزبیدی الحنفی ( ت 1205 ه‍ ) فی کتاب ( تاج العروس ) مادة : هدی ، والشیخ الصبان ( ت 1206 ه‍ ) ، ومحمد أمین السویدی ( ت 1246 ه‍ ) ، والشوکانی ( ت 1250 ه‍ ) ، ومؤمن الشبلنجی ( ت 1291 ه‍ ) ، وأحمد زینی دحلان الفقیه والمحدث الشافعی ( ت 1304 ه‍ ) ، والسید محمد صدیق القنوجی البخاری ( ت 1307 ه‍ ) ، وشهاب الدین الحلوانی الشافعی ( ت 1308 ه‍ ) ، وأبی البرکات الآلوسی الحنفی ( ت 1317 ه‍ ) ، وأبی الطیب محمد شمس الحق العظیم آبادی ( ت 1329 ه‍ ) ، والکتانی المالکی ( ت 1345 ه‍ ) ، والمبارکفوری ( ت 1353 ه‍ ) ، والشیخ منصور علی ناصف ( ت بعد سنة 1371 ه‍ ) ، والشیخ محمد الخضر حسین المصری ( ت 1377 ه‍ ) ، وأبی الفیض الغماری الشافعی ( ت 1380 ه‍ ) ، وفقیه القصیم بنجد الشیخ محمد بن عبد العزیز المانع ( ت 1385 ه‍ ) ، والشیخ محمد فؤاد عبد الباقی ( ت 1388 ه‍ ) ، وأبی الأعلى المودودی ، وناصر الدین الألبانی إلى ما شاء الله من المعاصرین ، وإذا ما أضفنا إلیهم أعلام المفسرین من أهل السنة أیضا کما تقدمت الإشارة إلى بعضهم فلک أن تقدر حجم الاتفاق على روایة أحادیث المهدی ، والاحتجاج بها . وذکر الدکتور أحمد صبحی فی کتابه ( نظریة الإمامة ) أنه قد شاع الاعتقاد فی انتظار المهدی ( علیه السلام ) عند جماعة من أهل السنة ، وإن لم یتقرر کأصل من أصول عقیدتهم کما هو الحال لدى الشیعة ، ومضى یقول : وشارک فی الاعتقاد بالمهدی المنتظر فریق آخر من علماء السنة بالرغم من عدائهم التقلیدی للشیعة وإنکارهم لأکثر عقائدهم ، فیعتقد ابن تیمیة بصحة الحدیث الذی رواه ابن عمر عن النبی ( صلى الله علیه وآله ) وجاء فیه : یخرج فی آخر الزمان رجل من ولدی اسمه کاسمی وکنیته کنیتی ، یملأ الأرض عدلا کما ملئت جورا وذلک هو المهدی . وفی حدیث آخر له : المهدی من عترتی ومن ولد فاطمة ، کما یرى أن ما رواه أحمد والترمذی وأبو داود حول المهدی ( علیه السلام ) من الصحاح )) [ المهدی المنتظر علیه السلام ج 1 الحاج حسین الشاکری ] .