الجمع بین الصلاتین
بسمه تعالى
" تحلیل مختصر عن بعض المسائل الخلافیة الفقهیة و توضیح عن رأى مدرسة أهل البیت(علیهم السلام) فیها"
تلخیص کتاب "المسائل الفقهیة" للمرحوم العلامة السید عبد الحسین شرف الدین العاملی مع قلیل من التغییرات و الإضافات
أ) الجمع بین الصلاتین:
لا خلاف بین أهل القبلة من أهل المذاهب الاسلامیة کلها فى جواز الجمع بعرفة وقت الظهر بین الفریضتین ? الظهر و العصر و هذا فى اصطلاحهم " جمع تقدیم " کما لا خلاف بینهم فى جواز الجمع فى المزدلفة وقت العشاء بین الفریضتین " المغرب والعشاء " ? و هذا فى الاصطلاح جمع تأخیر بل لا خلاف فى استحباب هذین الجمعین و أنهما من السنن النبویة و إنما الخلاف فى جواز الجمع بین الصلاتین فى ما عدا هذین.
و محل النزاع إنما هو جواز الجمع بین الفریضتین بأدائهما معا فى وقت إحداهما تقدیما أو تأخیرا.
و قد صرح الائمة من أهل البیت ( علیهم السلام ) بجوازه مطلقا غیر أن التفریق أفضل, أما الحنفیة فقد منعوا الجمع فیما عدا جمعى عرفة و المزلفة بقول مطلق مع توفر الصحاح الصحیحة بجواز الجمع و لا سیما فى السفر .
و اما الشافعیة و المالکیة و الخنبیلة فأجازوه فى السفر على خلاف بینهم فى ما عداه من الأعذار.
دلیل أتباع أهل البیت فى جواز الجمع مطلقا , إضافة على الصحاح الواردة عنهم (ع) هو ما ورد فى مسلم و غیره من الصحاح و المسانید .
أ) ورد فى صحیح مسلم : عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (ص) الظهر و العصر جمعا و المغرب و العشاء جمعا من غیر خوف ولا سفر " صحیح مسلم ج 2 / 151"
ب) عن ابن عباس قال : صلّیت مع النبى (ص) ثمانیا جمیعا أظنه أخّر الظهر و عجّل العصر و أخّر المغرب و عجّل العشا ء جمع " مسند احمد بن حنبل ج1/ 221"
ج) إن رسول الله (ص) صلّى بالمدینة سبعا و ثمانیا الظهر و العصر و المغرب و العشاء " صحیح مسلم ج 2 / 152 "
د) حدثنا ابو الزببر عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: صلى رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) الظهر و العصر بالمدینة فى غیر خوف و لا سفر , قال ابو الزبیر : فسألت سعیدا لم فعل ذلک ؟ فقال : سألت إبن عباس کما سألتنى فقال : أراد أن لا یحرج أحدا من أمّته . ( صحیح مسلم ج2 / 151, موطأ ما لک, باب الجمع بین الصلاتین , مسند أحمد )
هـ ) عن سعید بن جبیر عن إبن عباس قال : جمع رسول الله (ص) بین الظهر و العصر و المغرب و العشاء بالمدینة فى غیر خوف و لا مطر . " صحیح مسلم ج2/ 152"
فنستفید من هذه الصحاح فى أن العلّة من تشریع الجمع إنما هى التوسعة على الأمة و عدم أحراجها بسبب التفریق رأفة یأهل الأشغال و هم أکثر الناس و الجمع فى هذه الروایات کان جمعا حقیقیا و دون أىّ عذر من الأعذار کالمطر و الخوف او السفر .
و البعض من العلما تأوّلو هذه الأحادیث و حملوها على بعض الأعذار و أما النووى فى شرحه على مسلم بعد أن زیّف التأولات فقال: و ذهب جماعة من الائمة إلى جواز الجمع فى الحضر للحاجة لمن لا یتّخذه عادة و هو قول إبن سیرین و أشهب من أصحاب مالک و حکاه الخطابى عن القفال الشاشى الکبیر من أصحاب الشافعى و عن ابن اسحاق المروزى و عن جماعة من أصحاب الحدیث .... ( شرح صحیح مسلم للنووى ج4/ 455)
- دلالة الآیة القرآنیة بجواز الجمع بین الصلاتین :
" أقم الصلوة لدلوک الشمس إلى غسق اللیل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر کان مشهودا "
( الاسراء/ 78)
قال الامام الرازى حول تفیسرها من سورة الاسراء ص 428 من الجزء الخامس من تفسیره الکبیر ما هذا لفظه : "فإن فسرنا الغسق بظهور اول الظلمة , کان الغسق عبارة عن أول المغرب و على هذا التقدیر یکون المذکور من الآیة ثلاثة أوقات: وقت الزوال و وقت اول المغرب و وقت الفجر، قال : "و هذا یقتضى أن یکون الزوال وقتا للظهر و العصر فیکون هذا الوقت مشترکا بین هاتین الصلوتین و أن یکون أول المغرب وقتا للمغرب و العشاء فیکون هذا الوقت مشترکا أیضا بین هاتین الصلاتین , قال : فهذا یقتضى جواز الجمع بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء مطلقا " قال : إلا أنه دلّ الدلیل على أن الجمع فى الحضر من غیر عذر لا یجوز فوجب أن یکون الجمع جائزا لعذر السفر و عذر المطر و غیره ". ( التفسیر الکبیر لفخر الرازى ج20 /27 )
مع ورود الأدلة الصحیحة على جواز الجمع دون عذر فالغریب من الامام الزازى کیف یترک الصریح من الآیة القرآنیة و یستند إلى دلالة الدلیل التى غیر متّفق علیها بین أصحاب الحدیث و أتباع المذاهب. سنواصل ...