دراسة عدالـة الصحابة 3
8 بسمه تعالی
لقد تحدثنا عن قضیة عدالة الصحابة من قبل و فی هذه المذکرة سنکمل ما کتبناه سابقاً:
لقد ذکرنا بأن عدالة جمیع الصحابة تعارض و واقع الحال و البعض من الآیات القرآنیة والروایات الصحیحة.
إن اْهل السنة و الجماعة علی قول کبار علمائهم یستندون ببعض الآیات علی عدالة جمیع الصحابة و من جملتها آیة / ۱۱۰ من سورة آل عمران : « کنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنکر و تؤمنون بالله ...»
و إختلف العلماء فی المراد عن الآیة هل تشمل الأمة بأفرادها فرداً فرداً أو هو الأمة إجمالاً دون النظر بأفرادها فذهب البعض الی الرآی الأول ومنهم الخطیب البغدادی و إبن حجر العسقلانی و إبن عبد البر القرطبی و إبن الصلاح و إبن النجار الحنبلی والآیه فی نظرهم شاملة لجمیع أفراد الأمة و هم الصحابة آنذاک ، فکل صحابی یتصف بالخیریة و العدالة مادام یشهد الشهادتین.
ولکن البعض الآخر ذهبوا إلی الرآی الثانی و هو إتصاف مجموع الأمة بالخیریة دون النظر الی الأفراد فردا فردا و قیدوا هذه الصفة بشرط الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر.
قال الفخر الرازی : « المعنی أنکم کنتم فی اللوح المحفوظ خیر الأمم و أفضلهم فاللائق بهذا أن لا تبطلوا علی أنفسکم هذه الفضیلة ... و ان تکونوا منقادین مطیعین فی کل ما یتوجه علیکم من التکالیف ... » ( التفسیر الکبیر ج ۸ / ۱۸۹ -۱۹۱
و قال القرطبی : « تامرون بالمعروف و تنهون عن المنکر : مدح لهذه الامة ما اقامو ذلک و اتصفوا به، فاذا ترکوالتغییر و تواطئوا علی المنکر ، زال عنهم إسم المدح و لحقهم إسم الذم و کان ذلک سببا لهلاکهم » نقلا عن : ( مجمع البیان فی تفسیر القرآن للطبرسی ج ۱ / ۴۸۶)
و من جملة الآیات التی یستفیدون منها عدالة جمیع الصحابة آیة/ ۸ من سورة الأنفال «یا أیها النبی حسبک الله و من إتبعک من المؤمنین » فالآیة تطیب لخاطر النبی بأن الله حسبه و ناصره علی أعدائه و الإختلاف فی ذیل الآیة فقال مجاهد : : حسبک الله و المؤمنون ( الدر المنثور ج۴ / ۱۰۱ ) فهو جعل المومنین معطوفین علی الله تعالی ، فالله و المؤمنون هم الذین ینصرون النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم )و یؤیدوه .
و ذهب إبن کثیر إلی جعل المؤمنین معطوفین علی النبی ( ص ) و أن الله تعالی ناصرهم و مویدهم فقال : « یخبرهم أنه حسبهم ، ای کافیهم و ناصرهم و مؤیدهم علی عدوهم » ( تفسیر القرآن العظیم ج۲ /۳۳۷ )
والعلامة الطباطبایی رجح الرأی الأول فی کتاب المیزان ج ۹ / ۱۲۱ .
و قد ذهب الخطیب البغدادی و ابن حجر العسقلانی الی القول بثبوت عدالة الصحابة أجمعین و طهارتهم ( الکفایة فی علم الروایة / ۴۶ . والإصابة فی تمییز الصحابة ج۱ / ۶ )
مع أن الآیة قد نزل فی مورد خاص و فی معرکة بدر فکیف نعممها علی جمیع الصحابة حتی الذین کانوا یقاتلون فی صف المشرکین آنذاک ثم أسلموا فیما بعد ؟
و قد تسالم المفسرون علی نزول الآیة فی جماعة خاصة من الصحابة و هم الأوائل منهم لا کلهم.
و قیل أنها نزلت فی الأنصار ( الدر المنثور ج۴ / ۱۰۱)
و قیل نزلت فی الأربعین الذین أسلموا فی بدایة البعثة (شواهد التنزیل ، للحسکانی ج۱ ۲۳۰ )
إضافة الی أن الآیة تشمل الأوائل من الصحابة و لکنها مشروطة بحسن العاقبة و لا تشمل « الذین فی قلوبهم مرض » و «المنافقین»
و سوف یکتمل هذا الموضوع فی المذکرة القادمة فی المستقبل القریب بحول الله تعالی .